من تبديل الأسد المنقوش على الستارة إلى أسد حقيقي، (1) وما ذلك إلا لأنهم قد توصلوا في هذه النشأة إلى مقام العقل والتجرد التام.
وأما الذين لم يبلغوا الكمال التام في هذه النشأة، فسيبلغونه بعد الموت، واجتيازهم درجات النعيم أو دركات الجحيم، إذا لم يخلدوا في النار.
يستفاد من كثير من روايات أهل البيت (عليهم السلام) أن الإنسان إذا تمكن من حفظ إيمانه إلى حين الوفاة، فإنه وان مكث في النار مدة - يختلف مقدارها باختلاف الذنوب - بغية تطهيره وتصفيته من الأدران، ولكنه سيخرج منها، كالذهب المشوب الذي يصهر في البوتقة ليخرج صافيا من الشوائب ويغدو ذهبا خالصا، والخالد في النار أيضا بعد ان ذاق طعم العذاب في بوتقة " نار الله الموقدة " ربما تناله رحمة الله ويتصل به عز وجل، بل قد يستعذب عذاب الله.
وبذلك يمكن الإجابة عن الإشكال القائل بعدم تكافؤ المعصية مع شدة العذاب الأخروي والخلود في النار، فإن العذاب سيغدو بعد مدة عذبا له، بحكم مسانخته لذاته.
دليل المتكلمين على ضرورة المعاد أثبتنا ضرورة المعاد من طريق الحكمة الإلهية، أما الآن فنتعرض إلى اثباته على طريقة المتكلمين:
لا شك في عالم الأجسام - أي هذه النشأة من الدنيا - من وجود تزاحم و تضاد بين الإرادات المشروعة وغيرها، وقد يحرم ذو حق من حقه ظلما و