نعود إلى ما كنا نبحث عنه فقد بعدنا منه قليلا، أجل إن الإنسان حينما يستذكر أو يطالع أو يسمع صفات أولياء الله الحقيقيين والأتقياء الواقعيين، يستشعر حالة من الوجد والطرب من جهة، والغبطة والندم من جهة ثانية، فتستولي عليه حالة بين القبض والبسط.
دور وجود الشيطان في تفتق القابليات واختبار الإنسان من الأمور التي عدت ملازمة للشر، وأشكل بها على العدل الإلهي وجود الشيطان. فنقول: إن الشيطان وان أوجب الإضرار بالآخرين، ولكن تترتب على وجوده - مع ذلك - منافع كثيرة، سواء أكان الشيطان عبارة عن قوى الشهوة والغضب والوهم الداخلة فينا - كما ذهب اليه بعض - أم هو كائن له وجود خارج ومستور عنا، فان الشيطان من خلال تسويله ووسوسته يرينا جانبا آخر من الحقيقة والذي تكمن فيه الشرور والقبائح ويدعونا إليها، فيبدأ الصراع بين العقل وقوى الشهوة والغضب والوهم والخيال، ويمتاز الصالح من الطالح، والا فكيف يمكن لقابليات كائن مختار كالإنسان والجن أن تتفتق و تخرج من مكمنها؟ إن الشيطان في الحقيقة واحد من مدراء المسرح الذي يؤدي فيه العقل وسائر القوى أدوارها، والمدير الآخر هو الله والشرع وأحكام العقل الواضحة، ولا يمتلك الشيطان من الأسلحة سوى الإعلام السيء من الوسوسة والتسويل والتدليس والتلبيس، ولا يمكنه اجبار الانسان على السوء أو سلبه اختياره، مضافا إلى ان دائرة نشاط الشيطان تقف خارج حدود العقل، فلا يمكنه التوغل فيه وإغواؤه وحرفه، الا بالنسبة إلى أولياء الشيطان: