فالشر ليس وجودا حتى نبحث له عن مبدأ باسم اهريمن أو أي اسم آخر، بل الشر إما نفس العدم، كالجهل الذي هو عدم العلم، والموت الذي هو عدم الحياة، والمرض الذي هو عدم الصحة، وأمثال ذلك، أو انه أمر وجودي ولكنه يؤدي إلى عدم أمر آخر، كالزلزال الذي يؤدي إلى عدم الحياة وعدم بقاء العمران وعدم استقرار الإنسان، أو السم الذي يؤدي إلى عدم حياة الانسان.
فالقسم الأول: شر بالذات، وهو عدم محض لا حاجة له إلى علة وجودية، بل هو مستند إلى عدم علة الوجود، والثاني: شر بالعرض، وهو وان كان له وجود، الا ان وجوده خير محض بالنسبة اليه، وقد تكون له أيضا بركات و منافع في نظام الوجود، وشره من جهة ملازمته الذاتية للأعدام المترتبة عليه بسبب التزاحم الموجود في عالم الطبيعة، فخلاصة القول: ان وجود كل شيء خير له، وقد يكون مصحوبا بشر على غيره، الا ان هذا أمر نسبي واعتباري.
فالشر بما هو عدم أو عدمي، لا ينسب إلى الله تعالى بالذات والحقيقة لأنه معطى الوجود وان نسب اليه حينا ما فهو بالعرض والمجاز، وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول في دعائه: " الخير كله بيديك، والشر ليس إليك "، وجاء في القرآن الكريم على لسان إبراهيم (عليه السلام): (وإذا مرضت فهو يشفين) (1) فنسب المرض إلى نفسه، ونسب الشفاء إلى الله عز وجل.
الماهيات منشأ الأعدام والشرور منصور: آمنا ان الشر عدم أو عدمي، ولكن لماذا لم يملأ الله هذه الأعدام