ارتباط القوى التحريكية بالقوى الادراكية ح - القوى التحريكية للإنسان على ارتباط مع قواه الادراكية، بل إن اعمال الانسان الاختيارية مرتبطة دوما بإدراكاته، فمثلا في ذهابك إلى السوق وهو من أفعالك الاختيارية والإرادية، يحصل لديك في المرحلة الأولى ادراك تصوري عن الذهاب إلى السوق، وفي المرحلة الثانية تبحث في فوائد هذا الذهاب وأضراره، وتقوم بالترجيح بينهما، وعند ترجيح وجود الذهاب على عدمه وإذعان ذهنك بفائدته نظرا للميول الشهوانية الناشئة عن الغرائز الحيوانية أو الميول العقلية الناشئة عن الفطرة الانسانية الطاهرة، سوف يحصل لديك قهرا شوق اليه، وبتبع شدة هذا الشوق تعقد العزم فتبادر قواك التحريكية إلى تحريك أعضاء جسدك بفعل أمر النفس، وتوجهك إلى جهة السوق.
اذن في العمل الاختياري تبدأ المرحلة الأولى من تصور العمل، وفي المرحلة الثانية ندرك الفوائد والاضرار، ثم نصل إلى المقارنة والموازنة بينهما.
وفي هذه المرحلة يظهر دور الغرائز والميول الحيوانية أو النتائج العقلية و بتعبير آخر: يبرز دور القوى الشهوية والغضبية والوهم والتعقل، وبعد ترجيح الفعل والادراك التصديقي بالنسبة إلى فوائده، يبرز الشوق الذي هو حالة انفعالية لدى النفس، وتبعا لذلك يعقد العزم على الفعل وهو ما يسمى في المصطلح العلمي ب " الإرادة " التي هي من مراحل فاعلية النفس، وبعد أن تصدر النفس أوامرها، تبادر العضلات إلى الحركة، ويكون الفعل قد تم انجازه.