في حين ان ذاتنا لو كانت جسما - والجسم مكون من أجزاء - لغاب بعض أجزائها عن بعض، فيتضح ان ذاتنا ليست جسما.
الدليل الثاني: إذا رأيت بالعين حبة سكر ثم تذوقتها باللسان، ستقول:
" انها حلوة "، وإذا رأيت بالعين مؤذنا ثم سمعت صوته بالاذن، ستقول: " صوته جميل "، وإذا تلمست باليد زهرة وشممتها بالأنف بعد ان رأيتها بالعين، ستقول:
" زهرة لطيفة وعطرة ".
ان لمدركاتك في هذه القضايا صورا مختلفة حصلت على كل واحدة منها عن طريق قوة وآلة تخصها، فواحدة بالعين، والأخرى باللسان أو اليد أو الاذن أو الأنف، وبرغم ذلك تحمل بعضها على بعض وتحكم باتحادهما، كما انك تحضر في ذهنك صورة خيالية، لها سماتها الخاصة، وبعد مدة ترى شخصا في الشارع وتقول: " ان هذا الشخص يشبه تلك الصورة الخيالية التي أحضرتها في ذهني "، أو ترى شخصا بعينك وتقول: " هذا صديقي " أو " ليس عدوي " في حين ان الصداقة أو العداوة لا تدرك بالعين، وانما يتم ادراكها بالقوة الواهمة، و كذلك ترى رجلا معينا وتطبق عليه الانسان الكلي الذي تم ادراكه بواسطة القوة العاقلة، أو تسلب عنه الشجرة الكلية، فتقول: " هذا الرجل انسان " أو تقول: " هذا الرجل ليس بشجر ".
والآن أطرح هذا السؤال: هل يمكن ان يكون مدرك المحمول غير مدرك الموضوع في هذه القضايا، ويحصل تصديق وحكم بينهما بالاتحاد أو السلب دون تمركز تصورهما في محل واحد؟!
سيكون الجواب بالنفي قطعا؛ لان الذي يحمل مفهوما على موضوع أو