حدوث العالم ذاتا أو زمانا منصور: اذن تدعي ان الكون لم يكن في أول امره شيئا، فظهر بإرادة الله و عنايته، وعليه ترى ان العالم حادث، وان هناك بداية لعموده الزماني الطويل؟!
ناصر: ان القول بخلق الكون، وكونه مظهرا من إرادة الله، لا يساوق مثل هذا الاعتقاد، فان الله تعالى وجود كامل وغير محدود، أزلي وأبدي و سرمدي، وان العلم والقدرة والإرادة، وجميع صفاته الكمالية عين ذاته، فهو عالم وقادر ومريد منذ الأزل، ولا يعتريه العلم والإرادة بعد خلوه منهما، وعلى حد تعبير الفلاسفة:، " ان الله ليس محلا للحوادث " وهو فياض على الاطلاق.
فالتكامل من شأني وشأنك، حيث نكون في أول أمرنا ناقصين، ثم نتدرج في بلوغ الكمال، واما الله تعالى فهو كمال مطلق منذ الأزل، فأي مانع من ان يكون الكون الذي هو فيض منه ومظهر له موجودا منذ الأزل؟
إذ لا يلزم من كون الشيء مظهرا لشئ، انفصال أحدهما عن الآخر من الناحية الزمانية، فشعاع الشمس مثلا، مظهر للشمس ومرتبط بها، دون ان يكون منفصلا عنها زمانا فلو فرض وجود الشمس قبل الف سنة، سيكون شعاعها موجودا قبل الف سنة، ولو فرض وجودها منذ الأزل، كان لازم ذلك وجود شعاعها منذ الأزل أيضا، وعليه لا يلزم من القول بارتباط الشعاع بالشمس القول بأزلية الشمس وتأخر شعاعها عنها زمانا لكي يمكن اسناد الشعاع إليها، مع فارق ان الشمس تصدر أشعاعها دون علم وإرادة، بينما الكون