ومع ذلك يختار الخير ويرجحه على الشر، فلماذا لم يخلق الناس بأجمعهم بنحو يختارون معه الخير دائما بإرادتهم؟ فلو لم يكن هناك امتناع منطقي من اختيار الخير في مورد واحد أو عدة موارد، لم يكن هناك امتناع منطقي من ان يكون هذا هو اختياره دائما.
فمع وجود الامكان الذاتي لهذا الأمر فإما أن لا يكون الله قادرا مطلقا على خلق جميع الناس مختارين للخير دائما، أو أنه قادر مطلق، ولكنه لم يرد فعل ذلك، وعندها يحصل لنا شك في حكمته وعدله.
ناصر: أولا: ان الشيطان فاعل مختار أيضا، ويقوم باعماله الشيطانية باختياره والا لما توجه اليه التكليف.
ثانيا: يمكن عكس الاشكال على سبيل المعارضة، فنقول: هناك من الناس من يختار الشر، فلا يمتنع منطقيا من ان يكون جميع الناس قادرين على فعل الشر باختيارهم دائما، وعدم خلق الله لهم كذلك، اما لعجزه، أو ان هناك على نحو الاجمال عدالة وحكمة من عدم خلقهم كذلك مع القدرة عليه.
بيان علاقة الافعال الاختيارية بالفاعل المريد والمختار ثالثا: ان العلاقة بين الفاعل المريد المختار وفعل الخير، علاقة امكانية، اي من الممكن صدور الخير من الانسان المريد والمختار، وقد لا يصدر ولا يوجد منه ذلك، فصدور وجود الخير عنه ممكن ذاتا وكذلك عدمه، وقد ثبت في محله ان الوجود والعدم لممكن الوجود متساويان، بمنزلة كفتي الميزان، فإن أراد علة الممكن ان توجده أو تعدمه، وجب ان يكون هناك مرجح ليخرجه من حالة