طائل تحتها، وهي لا تنسجم مع المنطق، ولا تتلاءم مع الواقع بحال من الأحوال.
ومن الأصوب في ذلك: أن نلتمس البحث والحوار في منطق ذوي التجريد والتعقل والثقافة، غير أنه إذا كنا نحذر في الطبقة العامة من الناس خطر التعصب الأعمى، فإن أخطر ما في المثقفين من عوامل الهدم والانحراف هو: أن يتنكبوا عن سبل الإنصاف والتجرد، وأن يجتنبوا الموضوعية في شئ من تأملاتهم وعقائدهم.
والموضوعية - إذن - هي المقياس العاصم حتى للمنطق الذي يتذرع به ذوو الإدارك والتعقل، الذين يريدون أن يبنوا قضايا الرأي والعقيدة، أو يهدموها.
تمييع الخلافات المذهبية وأعنف ما في هذه المعتقدات هي القناعات الموروثة، والخبرات الدينية التي تألفها الأفراد والجماعات، والتي تترسب في أعماقهم عقائد مذهبية عميقة الجذور.
ولقدسية هذه العقائد، والقناعات المذهبية الموروثة تبقى آثارها، وأحكامها فوق مستوي النقد والمس والملاحقة.
وعلى هذا الأساس من الواقع.. فقد فصل الدين الإسلامي عامة معتقداته إلى العقائد، الأصول التي لا بد للعقل من أن يؤمن، ويعتقد بها الاعتقاد الجازم، وإلى الفروع التي لا بد من الاقتناع بها، والالتزام بطقوسها، على أساس هذه الأصول، وعلى أساس التسليم بها.
ومن المسائل التاريخية العميقة الجذور، التي ورثتها طوائف المسلمين منذ فجر تاريخهم هي العقائد المذهبية التي تميزت فيهم بالعنف والتعصب، والإسراف، تلك العقائد التي أبعدتهم عن رسالتهم التي وحدتهم وألفت بينهم، وتلك العصبيات التي طمست فيهم معالم الحق والإنصاف، وبدلت قوتهم إلى ضعف، وحولت منعتهم