وذكر أبو جعفر الإسكافي في مناقضاته لبعض ما أورده الجاحظ في العثمانية قال:
وروى في الخبر الصحيح أنه كلفه - أي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كلف عليا (عليه السلام) - في مبدأ الدعوة قبل ظهور كلمة الإسلام وانتشارها بمكة أن يصنع لهم طعاما وأن يدعو له بني عبد المطلب فصنع له الطعام ودعاهم له فخرجوا ذلك اليوم، ولم ينذرهم (صلى الله عليه وآله وسلم) لكلمة قالها عمه أبو لهب، فكلفه في اليوم الثاني أن يصنع مثل ذلك الطعام، وأن يدعوه ثانية، فصنع ودعاهم فأكلوا، ثم كلمهم (صلى الله عليه وآله وسلم) فدعاهم إلى الدين، ودعاهم معهم لأنه من بني عبد المطلب، ثم ضمن لم يؤازره منهم وينصره على قوله أن يجعله أخاه في الدين، ووصيه بعد موته، وخليفته من بعده، فأمسكوا كلهم وأجابه هو وحده وقال:
أنا أنصرك على ما جئت به، وأوازرك، وأبايعك!
فقال لهم - لما رأى منهم الخذلان، ومنه النصر، وشاهد منهم المعصية، ومنه الطاعة، وعاين منهم الإباء ومنه الإجابة قال:
هذا أخي ووصيي وخليفتي من بعدي!
فقاموا يسخرون، ويضحكون ويقولون لأبي طالب:
أطع ابنك فقد أمره عليك!
فهل يكلف عمل الطعام، ودعاء القوم صغير غير مميز، وغير عاقل؟!
وهل يؤتمن على سر النبوة طفل ابن خمس، أو ابن سبع؟!
وهل يدعى في جملة الشيوخ، والكهول إلا لبيب عاقل؟!
وهل يضع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يده في يده ويعطيه صفقة يمينه بالأخوة والوصية، والخلافة إلا وهو أهل لذلك، بالغ حد التكليف، محتمل لولاية الله، وعداوة أعدائه؟!