هبت علي أعاصير الشتائم والسباب من كل ناحية، من مصر والحجاز والشام! فلم أبال كل ذلك بل أستعذ به لأني على سبيل الحق أسير فلا يهمني شئ يلاقني في هذا السبيل مهما كان.
ومن عجيب أمر هؤلاء الذين يقفون في سبيل الحق حتى لا يظهر. ويمنعون ضوء العلم الصحيح أن يبدو، لا يعلمون مقدار ما يجنون من وراء جمودهم، وأن ضرر هذا الجمود لا يقف عند الجناية على العلم والدين فحسب؟ بل يمتد إلى ما وراء ذلك.
فإن الناشئين من المسلمين وغير المسلمين الذين بلغوا بدراستهم الجامعية العلمية إلى أنهم لا يفهمون إلا لقبولهم، وما وصلوا إليه بعلمهم، قد انصرفوا عن الإسلام لما بدى لهم على هذه الصورة المشوهة التي عارضها هؤلاء الشيوخ عليهم.
من أجل ذلك كله كان من الواجب الحتم على العلماء المحققين الذين حرروا أعناقهم من أغلال التقليد، وعقولهم من رق التعبد للسلف، أن يشمروا عن سواعد الجد، ويتناولوا تاريخنا بالتمحيص، وأن يخلصوه من شوائب الباطل والعصبيات، ولا يخشون في ذلك لومة لائم.
وإني ليسرني كل السرور أن أشيد بفضل عالم محقق كبير من علماء العراق قد نهض ليؤدي ما عليه نحو الدين والعلم فأخرج للناس كتبا نفيسة كانت كالمرآة الصافية التي يرى فيها المسلمون وغير المسلمين تاريخ الإسلام على أجمل صوره في أول أدواره، ذلكم هو الأستاذ " مرتضى العسكري " فقد أخرج لنا من قبل: كتاب " عبد الله بن سبأ " أثبت فيه بالأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة، أن هذا الاسم لم يكن له وجود وأن السياسة " لعنها الله " هي التي ابتدعت هذا الاسم لتجعله من أسباب تشويه وجه التاريخ، وبين أن شيخ المؤرخين في نظر العلماء وهو الطبري قد