على رقاب المسلمين، وأما عمر فعدى أنه يعمل نفس العمل يحجر على خيار الأمة من الخروج إلا بإذنه، ويلجم أفواههم ويحجر على أفكارهم، فلا يحق لأحدهم أن ينبس ببنت شفة، ويطلق أتباعه بما شاءوا، يقول قولا إن الحق للأسبق والأقدم والأتقى، فالبدريون أحق من الأحديين، وهؤلاء أحق من تلاهم، بيد نراه يقدم الطلقاء وأتباعهم على خيار الأمة، وبالتالي يستمر على منع تدوين السنة، حتى بلغ به الأمر إلى توقيف نصوص الكتاب، بل صرح بمنعها دون عذر وعاقب من خالفه (1).
فكلنا سرنا نفس المسير، وكل اتبع رأيه، وهو المقدم، وأما الكتاب والسنة فهي سائرة ما دامت لا تمس بمصالح أحدنا، ومتى مست فرأينا هو المتبع، ولم يعترض على أبي بكر في غصبه الخلافة، ومعاملاته المعادية لآل رسول الله، وغصب فدك، ومنع الخمس، وقتل المسلمين بيد خالد لتوقيف الخمس، وتسليمه إياه لأنهم كانوا يعرفون غيره الذي نص عليه رسول الله، ولم يأخذوا باستبداده بالأمة، ومخالفته للصحابة وعهده استبدادا إلى عمر، ولم يعترضوا على عمر على ما مر من مخالفاته للكتاب والسنة، وحجره على الخيرة، وترك القيادة والولاية لأشرار الأمة، وهو الذي أيد آل أمية، وهو الذي جاء بهم وبآل العاص.
وتلك أحاديثه معي: إني لأعلم أنك ستكون خليفة وستقرب آل أمية وآل العاص وآل بني معيط، وتسلطهم على رقاب الناس وأموالهم، وهو الذي أيدني بمعاوية وبغيره، وهدد بهم عليا أن لا يطمع بالخلافة، وليس لي ذنب سوى اتباعه، فهو المؤسس، وهو الذي قلدني الخلافة، كما قلدها أبا بكر في السقيفة، وأبو بكر هو الذي عهد له فهما مؤسسان السقيفة، ومؤسسان الشورى، ولست سوى أداة.