أن تباريه في خصلة من خصاله لا أنت ولا صاحبيك ولا الصحابة أجمع، في سبقه للإسلام، وفي تضحيته في الحروب، وفي طهارته منذ المبدء، وفي علمه، وفي شجاعته، وفي تقواه، وفي وصايا الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) به، وهو إمامك وخليفتك ووليك وولي كل مؤمن.
وقد بايعته بأمر الله وبأمر رسوله (صلى الله عليه وآله) في غدير خم، وقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول إنه منه بمنزلة هارون من موسى، وبالرغم أنك لم تحرك قدما لنصرته كنت أشد أنداده، والغاصب الثالث لحقه، والمعاند الأول له ولذرية الرسالة.
وأنت الذي قبلت من عبد الرحمن بن عوف أن تصبح خليفة على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين، فنقضت العهد، ومن هو عبد الرحمن وسعدا حتى ينتخبوك، رغم خيار الصحابة وعلماء وأحرار الأمة، حتى تقول: إن الله جلببني بالخلافة فلا أنزعها.
وأنت الذي بعدها خرجت على الحدود والنصوص والسنن، وخرجت حتى عن طريقة الشيخين قبلك فآويت الملاعين ممن طردهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأغدقت عليهم بالعطايا والمناصب في قولك: الأقربون أولى بالمعروف، فكأنهم لم ينتموا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)!
وأنك أعلم منه أو أنك لا تمت إلى بني هاشم بقرابة حتى يحظوا منك بالقربى، وعشت عيشة الملوك، وتخلقت بالعنف والكبرياء، واتخذت وزراءك ومشاوريك وعمالك من أفسد آل أمية وآل الحكم وأوترهم وأبغضهم وأشدهم خطرا على الإسلام.
واتخذت بيت مال المسلمين وحقوقهم، وما يجبى من الصدقات والخمس والفئ لهباتك وهداياك، فسرت سيرة الملوك الغابرين، بل وأشدهم ظلما ونكاية واستبدادا بالأمة، لا تردعك نصوص الكتاب ووصايا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسننه،