فجاء المسجد الحرام وقريش حلق يتحدثون في المسجد، فصاح صارخا: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فأحاطوه ضربا حتى صرع، وأنقذه العباس، وكررها في اليوم التالي وأنقذه العباس أيضا.
وكان يشبه بهديه وتواضعه بعيسى بن مريم (1).
وهو الصدوق عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث قال: ما أظلت الخضراء وما أقلت الغبراء أصدق من أبي ذر.
وقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا بلغ آل أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا عباد الله خولا ومال الله دولا ودين الله دغلا.
فكانت روايته هذه شديدة الوطأة على عثمان لأنه منهم، بل رأسهم. والرواية حقيقية متواترة، وما أبو ذر إلا الرجل الصادق الذي تواترت بصدق لهجته الأحاديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
كما جاء في كتاب السفيانية للجاحظ عن جلال بن جندل الغفاري، وكان غلاما لمعاوية فشهد جدالا بينه وبين أبو ذر الغفاري الذي نفاه عثمان إلى الشام، فكان أشد الناس على معاوية، وهتكه لتصرفات معاوية الشائنة، وإذ قال له معاوية: يا عدو الله وعدو رسوله، فأثبت له أبو ذر الغفاري إنما معاوية هو عدو الله وعدو رسوله، وكيف أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعنه ولعن أباه، وكيف حذر رسول الله (صلى الله عليه وآله) المسلمين من معاوية ودعا عليه بأنه لا يشبع، وحذر الأمة منه (2)، ولعنه فهدده معاوية بالقتل، وشكاه إلى عثمان فأمره بإرساله على أغلظ مركب بعد أن كان معاوية قد حبسه، فوجه من سار به ليل نهار على شارف ليس عليه غير القتب، وما أن دخل المدينة حتى تساقط لحم فخذيه، ومنها نفاه إلى أوعر بلاد