وانتخاب عمر استبدادا.
فقد جمعت بين الكيد للمسلمين والمكيدة بالصحابة واستبدادا ظهر من الرجل الطعين حينما وضعها في ستة بيد حرم ثلاثة حتى لو اتفقوا مهددين بالقتل، ووضعها في ثلاثة لا ينازع الخلافة فيها، عثمان أحدهم ومتى أجمع الثلاثة عليه وخالف الثلاثة، فقد حكم عليهم بالقتل، وحرم جميع المسلمين من إبداء الرأي، فأي شورى وأي انتخاب هذا؟ وأية ألعوبة؟ وبعدها يهدد المخالفين بمعاوية وعمرو بن العاص.
ولقد رأينا وسوف نرى كيف أن عثمان لم يأل جهدا من إشباع نهم اللذين ساعداه: سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف، بإعطاء سعد لولاية الكوفة وملئ جيوبه وجيب عبد الرحمن من بيوت مال المسلمين. ومد طلحة والزبير مثلهما.
بيد نراه وقد حفت به بنو أمية وبنو أبي معيط، فلم يتركوا له فرصة التفكير، حتى نقلوه إليهم نقلا بالظاهر والباطن فكانوا محل مشورته، وأطلق لهم العنان للقيادة يتقدمهم آل الحكم، ورأسهم مروان وأبوه وآل أبي سفيان ورأسهم معاوية، فمال إليهم، بل أحاطوه وسلبوه إرادته وتملكوا عقله، وتولوا المناصب، واستحوذوا على بيوت الأموال، واستبدوا بالحكم، وقامت الصرخات والتظلمات من سيرتهم.
وما أن تصل المدينة لتعرض على عثمان تولاها مروان ولعب بهم على لسان الخليفة، بين مطرود مهدد باشد العقاب من الخليفة، ومن ولاته أينما توجه.
ولم يتحاش عثمان أن ينزل أشد النكال بأعظم الصحابة علما وزهدا وسابقة وعدلا وبيد بني أبيه وعمومته الفجرة الكفرة، حتى ضج من ظلمه الكبير والصغير، والشريف والوضيع، والقريب والبعيد، والرجال والنساء، بين منفي ومضروب،