ذبحا.
فعمر إذن يعرف عثمان حق المعرفة وأنه ليس صاحب دين ولا يقيم حدود الله، وأنه يسلط الطلقاء من بني أمية وفساقهم على رقاب الناس وأموالهم، فكيف أدخله في الشورى مع عدم صلاحيته، وقد قطع أن الأمر ينتقل إليه إذ أكد قوله السابق بقوله اللاحق: " كأني بك قد قلدتك قريش هذا الأمر لحبها إياك، ثم اعطف، والله لئن فعلوا لتفعلن ولئن فعلت ليفعلن، ثم أخذ بناصية عثمان وقال:
فإذا كان ذلك فاذكر قوله فإنه كائن ".
وهذا يدل على فراسة عمر (1)، بل تدبيره المحكم وعلمه بمزايا وصفات هذه الأسرة من آل أمية، وأخص منهم عثمان ومعاوية. فهو يعرف ضعف عثمان في دينه ورأيه، وتغلب بني أمية عليه، ويعرف معاوية وأنه يدبر الملك له، كما أقره وقال فيه إنه كسرى العرب وهكذا كان.
فهل أن عمر كان رجل ديني؟ وهو الذي تفرس في عثمان، وتفرس في علي (عليه السلام) أيضا، وقال فيه: " لله أنت لولا دعابة فيك. أما والله لأن وليتنهم لتحملنهم على الحق الواضح والمحجة البيضاء ".
وأنت يا عمر نقدت عليا (عليه السلام) بقولك " لولا دعابة فيك " وهل كان يجب على المؤمن أن يكون فظا غليظا مثلك؟ أم يكون هشا بشا، رؤوفا بالمؤمنين، كما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأنت قد أكبرته وأعطيته كل صفات الكمال، فما بالك نقلتها إلى عثمان وآل أمية متعمدا، وتعرف أنهم يتخذون عباد الله خولا وماله دغلا ودينه دولا؟