ذلك الإمام الذي يصفه الله تعالى بأنه خاتم الأئمة عليهم السلام وتكملتهم ورحمة للعالمين، عليه كمال موسى، وبهاء عيسى، وصبر أيوب!
رحمة للعالمين.. لم يقلها سبحانه لأحد إلا لرسول الله صلى الله عليه وآله: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين. (سورة الأنبياء: 107)، ولشخص آخر هو صاحب الزمان عليه السلام!
ولا يمكننا أن نفهم معنى: رحمة للعالمين، إلا إذا فهمنا معنى: الحمد لله رب العالمين، فبعدها إسمان من أسماء الله الحسنى: الرحمن الرحيم، والسبب في ذلك أن ربوبية عوالم الوجود من عوالم الملك والملكوت، لها لب ولها قشر، سنة الله في مخلوقاته: إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب. (سورة آل عمران: 190)، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ وإليه ترجعون. (سورة يس: 83)، أما القشر الذي هو عالم الملك، فيحتاج إلى ربوبية وتربية بواسطة اسم الرحمن ليسير نحو تكامله. وأما اللب الذي هو عالم الملكوت، فيحتاج إلى ربوبية باسم الرحيم، ليبلغ كماله.
إن القرآن معجزة لكافة الناس، وهو معجزة بالأخص للذين يفهمون! فهم الذين يدركون أن كمال البشرية لا يتحقق إلا بالقرآن الذي نزل على قلب سيد المرسلين صلى الله عليه وآله. وأن الذي يجمع مظهر الإسمين معا: الرحمن الرحيم، هما شخصان في الوجود: خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وخاتم الوصيين الإمام المهدي عليه السلام!
هذا هو مقام الحجة بن الحسن أرواحنا فداه، وإنما يعرفه الإنسان إذا وصل مستوى يؤهله لمعرفة: رحمة للعالمين، ويصل إلى مخ الحكمة والعلم، فيفهم أنه حيثما ذهب في مناطق الوجود وتعقل أن الفاعل الذي منه الوجود هو ذات الخالق المقدس عز وجل، فإن ما به الوجود في كل العوالم، هو حجة الله على خلقه الحجة بن الحسن صلوات الله عليه.