مكة! فقال لي الدرويش: إذهب وتعال في الوقت الفلاني، فذهبت وعدت إليه في الوقت الذي عينه فقال لي: إمش خلفي وضع قدمك مكان قدمي! وتقدم أمامي ولم يمش إلا بضع خطوات حتى رأيت نفسي صرت في مكة! فأراد أن يودعني فقلت له: كم تتفضل علي إذا أكملت جميلك وأرجعتني بعد الحج إلى النجف، فقبل وواعدني في يوم ومكان!
وبعد أن أكملت مناسكي قصدت المكان فوجدته، فقال لي كما قال أولا: إمش خلفي وضع قدمك مكان قدمي، وبعد خطوات رأيت أني صرت في النجف! فقال لي: لا تقل لرفقائك، قل لهم جئت مع أحدهم ووصلنا قبلكم. ثم قال لي: لي إليك حاجة. قلت: أنا حاضر، ما هي؟ قال: سأقولها لك في أصفهان. وعدت إلى أصفهان حتى كان يوم رأيت فيه صاحبي الدرويش بين الحمالين في سوق أصفهان، فجاءني وقال لي: أنا ذلك الشخص الذي أوصلتك إلى مكة، وهذا وقت حاجتي التي وعدتني بها! قلت نعم فما هي؟ قال: أنا أسكن في المكان الفلاني، وفي اليوم الفلاني أموت، فتعال إلى مكاني، وفي صندوقي ثمانية توأمين، فاصرفها على تكفيني ودفني وادفني وأخذني إلى المحل الذي اختاره قبرا فدلني عليه، وقال إدفنني هنا!
قال صاحب روضات الجنات رحمه الله: هذا هو المكان الذي اختاره ذلك الولي اخترته أنا لأدفن فيه!
إن هذا مستوى الخادم من أصحابه عليه السلام! وإذا كان خدامه يقومون بعمل آصف بن برخيا، فكيف به هو صلوات الله عليه؟!
وا حسرتنا على عمرنا الذي قضيناه، ولم نعرف ماذا عملنا فيه، وعمن ابتعدنا؟ فكم نذكره عليه السلام حتى يذكرنا؟ وكم عملنا له حتى يجازينا؟!