يصدر عن هذه الإحاطة، وليس كمن يحيط بالقليل ويتكلم الكثير!
إن كلماتهم صلوات الله عليهم تخاطب الناس كل الناس في كل العصور، ولذا صار فيها علم للعامة والخاصة، وهو ما نعبر عنه بأنها للعامة عبارات وللخاصة إشارات!
وأحاديثهم عليهم السلام متفاوتة المستويات، تبعا للموضوع أو لنقل الراوي بالمعنى وغير ذلك من الأسباب.. وبعضها يبلغ بمطالبه الراقية مقاما من الرفعة يحير العقول، ومن ذلك حديث اللوح الذي يرويه الكليني أعلى الله مقامه في الكافي، وعندما ترجعون اليه أنتم ستجدون أنه بلغ عند أبي بصير أنه قال لعبد الرحمن بن سالم: لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث لكفاك، فصنه إلا عن أهله)! وهذا هو:
عن الإمام الصادق عليه السلام قال: قال أبي لجابر بن عبد الله الأنصاري إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها؟ فقال له جابر: أي الأوقات أحببته، فخلا به في بعض الأيام فقال له: يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وما أخبرتك به أمي أنه في ذلك اللوح مكتوب؟ فقال جابر: أشهد بالله أني دخلت على أمك فاطمة عليها السلام في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله فهنيتها بولادة الحسين، ورأيت في يديها لوحا أخضر، ظننت أنه من زمرد، ورأيت فيه كتابا أبيض شبه لون الشمس فقلت لها: بأبي وأمي يا بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا لوح أهداه الله إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابني واسم الأوصياء من ولدي وأعطانيه أبي ليبشرني بذلك.
قال جابر فأعطتنيه أمك فاطمة عليها السلام فقرأته واستنسخته.
فقال له أبي: فهل لك يا جابر أن تعرضه علي؟ قال: نعم، فمشى معه أبي إلى منزل جابر فأخرج صحيفة من رق فقال: يا جابر أنظر في كتابك لأقرأ عليك.