بهم علينا ليعلمونا ويوجهونا.
ثم قال عليه السلام مرشدا إلى الطريق الثاني: إذا أردتم التوجه بنا إلى الله وإلينا فقولوا.. وهي جملة عميقة محيرة، لأن معنى التوجه بنا إلى الله تعالى واضحة، فقد علمنا النبي وأهل بيته صلى الله عليه وآله كيف نتوجه بهم إلى تعالى، قال الإمام الباقر عليه السلام: إذا أردت أمرا تسأله ربك، فتوضأ وأحسن الوضوء ثم صل ركعتين وعظم الله وصل على النبي صلى الله عليه وآله وقل بعد التسليم: اللهم إني أسألك بأنك ملك، وأنك على كل شئ قدير مقتدر، وبأنك ما تشاء من أمر يكون، اللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة. يا محمد يا رسول الله إني أتوجه بك إلى الله ربك وربي لينجح لي طلبتي. اللهم بنبيك أنجح لي طلبتي بمحمد. ثم سل حاجتك). (الكافي: 3 / 478).
وفي التهذيب: 6 / 101: (اللهم إني لو وجدت شفعاء أقرب إليك من محمد وأهل بيته الأخيار الأئمة الأبرار لجعلتهم شفعائي، فبحقهم الذي أوجبت لهم عليك أسألك أن تدخلني في جملة العارفين بهم وبحقهم...) (4) لكن المحير في كلام الإمام عليه السلام قوله: إذا أردتم التوجه بنا إلى الله وإلينا!
فما معنى التوجه بهم عليهم السلام إلى الله وإليهم؟! ما معنى هذه الكلمة الصادرة من ذلك الإمام المطلق، والقديس الأعلى، الذي مقامه فوق اللوح والقلم والكرسي والعرش؟! أحاول فيما يتسع الوقت أن نفهم شيئا من هذه الكلمة:
تعرفون أن الله تعالى قال في كتابه: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين. (سورة غافر: 60) فالدعاء يستتبع الإجابة لا محالة، ولا تتخلف عنه، فلماذا لا نرى استجابة أكثر أدعية الداعين؟!
الجواب: أن الدعاء لم يتحقق، فلو تحققت: ادعوني، لتحققت: أستجب لكم لا محالة! فكيف يتحقق الدعاء؟