إن الحكمة مبثوثة في الكتاب والسنة، وقد بين الله تعالى شرط تحقق الدعاء بقوله: أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون. (سورة النمل: 62)، فهذه الآية تشرح آية: إدعوني أستجب لكم، وتدلنا على أنه ليست كل دعاء دعاء لله تعالى، فدعوته سبحانه تتحقق عندما تصدر من صاحبها فتخرق الحجب بين الداعي وبين الله تعالى، وخرق الحجب لا يتم إلا بالاضطرار، وبه تكون الإجابة قطعية. ولو أن شخصا تحققت منه الحالة التي تحصل للمضطر، ولو لم يكن مضطرا عمليا، لكانت استجابة دعائه قطعية أيضا، وهو أيضا من نوع الاضطرار. وعلينا أن نفهم آيات القرآن، وكلام حملة القرآن عليهم السلام.
نعم، إن من القطعيات المسلمة أن الإنسان المضطر، كالذي يكون منقطعا في صحراء، أو يضل الطريق في مكان خطر، أو يتوجه إليه خطر من شئ فتحصل عنده حالة المضطر المنقطع، ويلتجئ إلى الله تعالى ويدعوه يا الله.. فإن دعاءه يخرق الحجب، ويستجيب له الله تعالى قطعا! ولا فرق بين أن يكون هذا الإنسان شيعيا أو سنيا، بل لا فرق بين أن يكون مسلما أو كافرا!
وكذلك الأمر فيمن انقطع إلى أولياء الله وحججه صلوات الله عليهم، فلو أن مضطرا منقطعا نادى: يا أبا صالح المهدي أدركني، فلا بد أن يستجيب الله له، لأنه سبيل الله الأعظم وصراطه الأقوم، والله تعالى هو نور السماوات والأرض الذي منه الوجود، والإمام المهدي هو نور الله الذي به الوجود. والطلب ممن به جعل الله به الوجود، هو ثاني الطلب من صاحب الوجود عز وجل، الذي منه كل الوجود سبحانه، فحكم الطلب فيهما واحد.
هذا هو الأمر الأول عن تأثير الاضطرار.