الموضوع - وجزى الله كتابها خيرا وشكر سعيهم - إنما هي على قدر مؤلفيها وكتابها، وليست على قدر الموضوع، حتى تكون إجابة وافية على سؤال:
ما هي الإمامة، ومن هو الإمام؟ إن الأفق بينهما بعيد.
على أي حال إن المولود في مثل يوم الغد صلوات الله عليه، واحد من أئمة العالم العظماء عليهم السلام الذين يتحير فيهم العقل، ليس تحيرا بمقياس الخطابة بل بمقياس الدليل والبرهان!
للإمام الرضا عليه السلام خمسة عشر لقبا، ذكر بعضها صاحب البحار رحمه الله، ولم يذكر البعض الآخر، وأول لقب ذكره لقب: سراج الله. (1) سراج الله.. كلمة تكفي للفقيه المتعمق في فقه الدين، والحكيم المتعمق في الحكمة، أن يفكر ما هي الخصائص التي تميز بها الإمام الرضا عليه السلام حتى صار لقبه: سراج الله في خلقه!
إن للسراج صفتين: النور والحرارة، وقد وصف الله تعالى الشمس بأنها سراج، في قوله: تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا (سورة الفرقان: 61) كما وصف النبي صلى الله عليه وآله بأنه سراج فقال تعالى: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا. وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا. (سورة الأحزاب: 45 - 46).
فكما أن منظومة الكون المادي لها سراج هي الشمس تعطيها الضوء والحرارة، فكذلك المنظومة الإنسانية لها سراج أيضا!
إني أتحسر لأننا حتى الآن لم نصل إلى دقائق القرآن ولطائفه العظيمة، وأن عمرنا مضى ولم نفهم شيئا يذكر! فكم هو عميق هذا الارتباط بين سراجي منظومتي الكون والإنسان، وكم بين الله تعالى لنا بذلك من صفات سيد المرسلين صلى الله عليه وآله؟! الشمس تعطي الضوء والحرارة، فتأخذ منها الطبيعة غذاءها