لا بد أن تعرف دم من هو؟ ومن أي نوع من المعرفة تغذى؟
ومن أي نبع سقيت صفاته وملكاته؟ ومن أجل من أريق، وكيف؟
وهل يمكن لبشر أن يفهم ذلك الدم الذي يجري فيه اسم الله الأعظم؟!
لسنا في صدد الحديث عن الجراحات التي وقعت على ذلك البدن الشريف صلوات الله عليه، وعن تعدادها وتفصيلها، فغرضنا أن نفهم شيئا من شهادة الإمام الصادق عليه السلام: أشهد أن دمك سكن في الخلد! فالإمام الحسين عليه السلام بكل هذه الجراحات التي في بدنه (3)، وقف في جانب الميدان ليستريح ساعة، فقد كان التعب بلغ به مبلغه، فهو على أي حال بشر، وامتحانه الإلهي هذا يتم في عالم بشريته. وقف وهو يحمل جراحاته ليستريح هنيهة، فقد رجع من حملاته عليهم، ورد حملاتهم عليه، وقبل قليل كان عند جسد أخيه العباس، وجثمان ولده علي الأكبر، ورأى أجساد أصحابه المجدلين في أرض كربلاء هنا وهناك، والآن هذه جراحاته تستوعب بدنه!
في ذلك الوقت ضربه خبيث بحجر فوقع على جبهته، فرفع طرف قميصه ليمسح الدم عن وجهه، فماذا حدث؟ أتاه سهم محدد مسموم له ثلاث شعب فوقع في صدره فانبعث الدم كالميزاب، فتلقى الدم بيده فلما امتلأت رمى به إلى السماء، فما رجع من ذلك الدم قطرة!!
أرجو أن تلتفتوا.. لماذا تلقى الحسين دم قلبه بيده ورمى به إلى السماء؟! وكم مرة فعل ذلك؟ وفي إحداها مسح به وجهه وبدنه!
وأي دم صعد إلى السماء، وأي دم مسح به رأسه ووجهه؟
وهل وقع من دمه على الأرض؟
ولماذا لم يتركه الإمام الحسين يجري على الأرض؟!