تعالى على خلقه، شاركه فيه أبوه أمير المؤمنين عليه السلام، لكن الحسين عليه السلام اختص بأنه قتيل الله وابن قتيله! فقد كتبت له هذه السمة الفريدة من عالم الغيب: قتيل الله وابن قتيله! فلا تجد هذا المنصب الرباني لغيره في كل تاريخ البشرية، ولا في مقامات الأنبياء والأوصياء والشهداء عليهم السلام.
ومن الممكن لنا أن نفهم صفة: قتيل الله وابن قتيله، وثأر الله في الأرض وابن ثاره.. لكن العبارة المحيرة للعقول هي:
السلام عليك يا وتر الله الموتور، في السماوات والأرض!
ثم، بعد هذه المقامات الثلاثة، قال الإمام الصادق عليه السلام: أشهد أن دمك سكن في الخلد، واقشعرت له أظلة العرش، وبكى له جميع الخلائق!!
فصاحب هذا المقام الذي نريد أن نعرفه للمسلمين، جوهر منحصر بفرد! وإنجازاته كلي منحصر بفرد! وفي كل فقرة من هذه الدرر أبحاث تستغرق ساعات، ولا ندعي الكمال في الشارح، بل نأمل الاستعداد في المستمع.
والمهم الآن أن نفهم ما الذي حدث حتى صار دم الحسين عليه السلام من سكان عالم الخلد؟! فعالم الخلود مكان التجرد، وذهاب الروح اليه وسكناها فيه منسجم مع الأصل، لكن ذهاب الدم وسكنه فيه، يعني أن الروح حدث فيها تطور فصار مقرها فوق الخلد! وأن الدم صار من نوع الروح فسكن الخلد! معنى ذلك أن الحسين عليه السلام وصل إلى درجة أن الخلد صار مسكنا لدمه الطاهر، أما روحه فمسكنها في درجة فوق الخلد، لا نعرفها!
أشهد أن دمك سكن في الخلد، واقشعرت له أظلة العرش.. كلام عن عالم أعلى، من إمام مفتوحة له النوافذ على ذلك العالم! فما معنى سكن الدم في الخلد، واقشعرار أظلة العرش له؟! وما هذا التقابل والجدلية بين سكن دم الحسين وسكونه في الخلد، وبين اقشعرار أظلة العرش؟