وإلى مسافات قصيرة! أما في الليل فنعيش الرعب من أن تدخل علينا بعض المنظمات الشيوعية المسلحة فتقتلنا، أو تقتادنا إلى السجن!
وكان بعضنا ينتظر أن تصدر أوامر بمنع الدراسات الدينية وحل الحوزات العلمية، ومنع زيارة المشاهد المشرفة، لولا أن عبد الكريم قاسم قام بوضع حدودا لحلفائه الشيوعيين، بعد أن ضاقت بهم ذرعا تركيبة المجتمع العراقي الإسلامية القبلية، التي لا تتحمل هذا النوع من التطرف!
لقد بلغ الأمر أن صاحب دكان في سوق العمارة اسمه محمد أبو اللبن مجاور لمنزل السيد محسن الحكيم قدس سره المرجع العام للشيعة في العالم، كان إذا رأى السيد خرج إلى صلاة الجماعة في الصحن الحيدري الشريف، رفع صوت المذياع في دكانه بأناشيد الشيوعيين، فإذا وصل السيد إلى أمام دكانه رفع صوته: (عفلقي عفلقي)! وكان السيد رحمه الله يأمر بعدم جوابه والصبر عليه!!
ومعنى عفلقي: بعثي، نسبة إلى ميشيل عفلق، فقد كان البعثيون والقوميون حزبين ناشئين مؤيدين لجمال عبد الناصر، يعملان ضد نظام عبد الكريم قاسم، وكان الشيوعيون يطاردونهم ويتهمون من عارضهم بأنه ضد الثورة والزعيم الأوحد ويصفونه بأنه عفلقي، وكان من شعاراتهم:
(والما يصفق عفلقي، والحبال موجودة) أي: من لم يصفق للزعيم الأوحد فهو بعثي جزاؤه القتل، والحبال حاضرة لسحله في الشوارع!
* * لقد انتهت الموجة الشيوعية إلى غير رجعة، لكن لك أن تقدر ما أحدثته من هزة وتحد في الحوزة والأمة، وما نتج عنها من اتجاهات في العمل الديني، في حوزاتنا ومجتمعاتنا!