حاشا أفصح من نطق بالضاد من اللغو في كلامه، وحاشا أفصح من نطق بالضاد من التكرار في كلامه. بل أراد أن يفهمنا أن مسألة معيتهما معية من نوع خاص، ويشير إلى أبعادها العميقة، ذلك أن المعية بين شيئين أو أكثر عندما تطلق فيقال: زيد مع عمرو، فهي أعم من أن يكون هذا الطرف في الإضافة متقدما رتبة على ذاك أو متأخرا عنه، بل تدل على أنهما معا بقطع النظر عن رتبة كل منهما، وربما كان فيها إشارة إلى أن المقرون أقل رتبة من المقرون به. لهذا أعاد النبي صلى الله عليه وآله صياغة هذه المعية، ليقول للمفكرين لا ينبغي أن تفهموا من قولي: علي من القرآن، أن عليا أقل رتبة من القرآن، بل القرآن مع علي أيضا، فهما وجودان متعادلان!
علي مع القرآن.. فيها بحوث وبحوث! فعلي مع القرآن من أول: ألم. كهيعص. حمعسق. طسم. ق. ص.
وعلي مع القرآن، فقد وصل علي إلى حيث وصلت كل رموز الاسم الأعظم! بل وصل إلى آخر تخوم القرآن!
ومن جهة أخرى، فالقرآن من أين ما فتحته أو قرأته فهو مع علي عليه السلام!
فعلى ماذا يدل هذا التعادل والتوازن بين هذا الإنسان والقرآن؟!
وهل يستيقظ المفكرون السنيون من نوم الغفلة؟!
وهل يدركون أنه عندما يقول النبي صلى الله عليه وآله: علي مع القرآن، والقرآن مع علي، ويقرؤون معه وصف الله للقرآن بأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. فإن معناه بمقتضى هذا الحديث الصحيح عند الجميع، أن العصمة الكبرى التي ثبتت للنبي صلى الله عليه وآله هي ثابتة لعلي عليه السلام! وأن منكر ذلك خارج عن التسنن وعن التشيع؟!