في صلب عبد الله، وجزء في صلب أبي طالب)!
هذه رواية إمام الحنابلة لهذه المنقبة! والأربعة عشر ألف سنة في الحديث ليست من سنينا التي تبدأ بمحرم وتنتهي بذي الحجة، بل هي سنين ربانية يومها أكبر مما نفكر! فتأملوا بدقة في هذا الكلام النبوي، والمقام العجيب لسيد الأنبياء وسيد الأوصياء صلوات الله عليهما، ومسار نورهما في الوجود! (1) وقد روى هذه المنقبة من العامة ابن المغازلي في مناقبه ص 87 وغيره.
أما مصادرنا فقد روتها بألسنة مختلفة، ولعل اختلاف عدد السنين فيها تعبير عن مراحل وجود ذلك النور قبل أن يحل في صلب آدم عليه السلام.
ففي علل الشرائع: 1 / 134، عن أبي ذر رحمه الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول: خلقت أنا وعلي بن أبي طالب من نور واحد، نسبح الله يمنة العرش قبل أن يخلق آدم بألفي عام، فلما أن خلق الله آدم جعل ذلك النور في صلبه، ولقد سكن الجنة ونحن في صلبه، ولقد هم بالخطيئة ونحن في صلبه، ولقد ركب نوح في السفينة ونحن في صلبه، ولقد قذف إبراهيم في النار ونحن في صلبه، فلم يزل ينقلنا الله عز وجل من أصلاب طاهرة إلى أرحام طاهرة، حتى انتهى بنا إلى عبد المطلب فقسمنا بنصفين، فجعلني في صلب عبد الله وجعل عليا في صلب أبي طالب، وجعل في النبوة والبركة، وجعل في علي الفصاحة والفروسية، وشق لنا اسمين من أسمائه، فذو العرش محمود وأنا محمد، والله الأعلى وهذا علي). (2) لاحظوا قول النبي صلى الله عليه وآله لعمر: أوما علمت؟! فهو استفهام يحمل معنى بليغا. إن رواية أحمد بن حنبل المتقدمة عن نور النبي ونور علي، وجواب النبي صلى الله عليه وآله على سؤال عمر في هذه الرواية، يقولان للبشر إفهموا قوله تعالى عنهما: وأنفسنا وأنفسكم. (سورة آل عمران: 61)، فأنا وعلي وجود واحد، بدأ واحد، وختم واحد، وانقسامه بعد عبد المطلب كان لسر عظيم، ليعود ويتحد من بعدي