طريق ابن مردويه والخطيب وابن عساكر بلفظ مر في رواية ابن مردويه، وقال في الإتقان: 1 / 31 في عد الآيات السفرية: (منها اليوم أكملت لكم دينكم: في الصحيح عن عمر أنها نزلت عشية عرفة يوم الجمعة عام حجة الوداع، له طرق كثيرة. لكن أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري أنها نزلت يوم غدير خم، وأخرج مثله من حديث أبي هريرة وفيه: إنه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة مرجعه من حجة الوداع. وكلاهما لا يصح.) ا ه.
وقال الأميني: قلنا إن كان مراده من عدم الصحة غميزة في الإسناد ففيه أن رواية أبي هريرة صحيحة الإسناد عند أساتذة الفن، منصوص على رجالها بالتوثيق، وسنفصل ذلك عند ذكر صوم الغدير، وحديث أبي سعيد له طرق كثيرة كما مر في كلام الحمويني في فرائده.
على أن الرواية لم تختص بأبي سعيد وأبي هريرة فقد عرفت أنها رواها جابر بن عبد الله، والمفسر التابعي مجاهد المكي، والإمامان الباقر والصادق صلوات الله عليهما، وأسند إليهم العلماء مخبتين إليها.
كما إنها لم تختص روايتها من العلماء وحفاظ الحديث بابن مردويه وقد سمعت عن السيوطي نفسه في دره المنثور رواية الخطيب وابن عساكر، وعرفت أن هناك جمعا آخرين أخرجوها بأسانيدهم وفيها مثل الحاكم النيسابوري، والحافظ البيهقي، والحافظ ابن أبي شيبة، والحافظ الدارقطني، والحافظ الديلمي، والحافظ الحداد وغيرهم.
كل ذلك من دون غمز فيها عن أي منهم.
وإن كان يريد عدم الصحة من ناحية معارضتها لما روي من نزول الآية يوم عرفة، فهو مجازف في الحكم بات بالبطلان على أحد الجانبين، وهب أنه ترجح في نظره الجانب الآخر لكنه لا يستدعي الحكم القطعي ببطلان هذا الجانب، كما هو الشأن عند تعارض الحديثين، لا سيما مع إمكان الجمع بنزول الآية مرتين كما احتمله سبط ابن الجوزي في تذكرته ص 18 كغير واحدة من الآيات الكريمة النازلة غير مرة واحدة، ومنها البسملة النازلة في مكة مرة، وفي المدينة أخرى، وغيرها مما يأتي.