جوهرين نادرين هما: العقل والنفس، ولابد لهذين الجوهرين أن يصلا إلى مرحلة الإثمار.
إن مشروع بعثة الأنبياء عليهم السلام إنما كان من أجل إيصال جوهر العقل إلى درجة الكمال النظري، وجوهر الإرادة إلى درجة الكمال العملي، وكانت بعثتهم مقدمات لكي تبلغ هدفها وأوجها ببعثة نبينا صلى الله عليه وآله: لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين. (سورة آل عمران: 164) إن قوله تعالى: لقد من الله رمز لقوله: وأتممت عليكم نعمتي. فبعثة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله لا تتم بتعليم الكتاب والحكمة فقط، بل لابد من يوم الغدير!
ذلك أن تعليم الكتاب هو الجانب العلمي وبناء الوعي البشري، وتعليم الحكمة هو الجانب العملي وبناء الإرادة البشرية، وتكميل هذين الجانبين يحتاج إلى مفسر رباني وحكيم رباني، يواصل المهمة بعد النبي صلى الله عليه وآله.
مفسر رباني، يستطيع تفسير الكتاب الإلهي الذي قال فيه منزله عز وجل: الر. كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد. (سورة إبراهيم: 1)، وقال فيه: ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين. (سورة النحل: 89) وقال عن الذين يفهمونه ويفسرونه: لا يمسه إلا المطهرون. (سورة الواقعة: 79).
لقد تم تنزيل الكتاب الإلهي لكنه بدون مفسر رباني بعد النبي يبقى ناقصا، لأن مفسره المؤهل تأهيلا ربانيا هو الوحيد الذي يستطيع أن يستخرج من خزائن العلم الإلهي فيه، كل ما يحتاج اليه العقل البشري.
إن القرآن الكريم كان وما زال خزائن الله العظيمة، التي يراها العلماء ولا