هذا الإسلام الذي أسس قبلته وأساسه إبراهيم عليه السلام، ثم بعث الله به سيد المرسلين من ولد إبراهيم صلى الله عليه وآله فأشاد صرحه، وبنى أمته، بجهاد وجهود مباركة مقدسة طيلة ثلاث وعشرين سنة، وكان عامل البناء معه بدل إسماعيل: علي بن أبي طالب عليه السلام!
هذا الإسلام الذي أنزله الله تعالى، بقي إلى أواخر عمر النبي صلى الله عليه وآله ناقصا، وبالذات إلى اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، فأعلن الله إكماله!!
يا لله، ما هو قدر ذلك اليوم، الذي ظل الإسلام يفتقد كماله حتى وجده؟! هنا ليس موضع الكلام لأمثالي، بل موضع الاستغفار من الكلام! فأي قضية قيلت للبشر في هذا اليوم فلم يفهموها، والى يومك هذا؟!
أي يوم كنت يا يوم الغدير، حتى جاء الخطاب الرباني فيك لرسول الله صلى الله عليه وآله بهذا الحسم غير المعهود في خطابه له: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته، والله يعصمك من الناس، إن الله لا يهدي القوم الكافرين. (سورة المائدة: 67). فنحن نعرف أن خطاب الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله أرق خطاب وأحناه: ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. (سورة طه: 2) وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين (سورة الأنبياء: 107)، بل نراه أقسم بعمر نبيه الحبيب: لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون. (سورة الحجر: 72)، لكنه في هذا اليوم خاطبه بحسم خاص فقال: بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته!
يقول له بذلك إن هذا اليوم مركزي في تبليغ الرسالة، والعمل الذي ستقوم به، به يكمل الدين، وبدونه يبقى ناقصا وتضيع فائدة جهودك في تبليغه!!
نعم، إن الرحمة التي تنزلت يوم الغدير أكبر من أن يتعقلها بشر! والسبب أن الله تعالى إنما خلق هذا العالم، لأنه أراد أن يوجد موجودا ويودع فيه