فظهر أن لا قرينية للآية: * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا..) * بالنسبة إلى الآية: * (إنما وليكم الله..) * وأما الآية التي بعدها وهي: * (ومن يتول الله ورسوله..) * فهي مناسبة لكون المراد هو " الأولوية بالتصرف " بكل وضوح، لأن المراد بتولي الله ورسوله والذين آمنوا هو اتخاذهم أولياء والقول بولايتهم بالمعنى الذي أريد من " الولي " في قوله: * (إنما وليكم الله..) * فكيف لا تحصل المناسبة؟
وإذا ارتفعت هذه الشبهة.. والآية نازلة في أمير المؤمنين باتفاق المفسرين - لم يعبأ باحتمال كون " الواو " في " وهم راكعون " عاطفة لا حالية.. إذ المراد هو الإمام علي عليه السلام الذي تصدق بخاتمة وهو راكع.
نعم هنا إشكال أن * (الذين آمنوا) * صيغة جمع فلا يصرف إلى الواحد إلا بدليل).
والجواب: إن الدليل هو اتفاق المفسرين الذي اعترفوا به، ونظائره في القرآن كثيرة..
وإلى هنا ظهر تمامية الاستدلال بالآية المباركة... ويبقى ما ذكره بقوله: - (إن ظاهر الآية ثبوت الولاية بالفعل وفي الحال..).
وقد أخذه من شيخه العضد حيث قال: " المراد هو الناصر وإلا دل على إمامته حال حياة الرسول " (1).
وقد ذكرنا في جوابه: إن التصرف من شؤون صاحب الولاية، سواء كان نبيا أو وصي نبي، فقد يكون حاصلا له بالفعل وقد لا يكون وقد لا يحصل كما وقع بالنسبة إلى كثير من الأنبياء والأوصياء.. فالمقصود بالاستدلال إثبات الولاية لأمير المؤمنين عليه السلام، وأما فعلية التصرف فقد يقال بحصولها له في حياة النبي أيضا ونفوذه إلا حيثما لا يرضى النبي، وهو لا يفعل ما لا يرضاه قطعا.