ومنهم العلامة الشيخ أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي في (الفنون) (ص 47 ط دار المشرق في بيروت) روي أنه قدم عقيل بن أبي طالب على علي أخيه وهو بالكوفة يسأله مالا، فقال للحسن: اكس عمك. فكساه قميصا من قمصانه ورداءا من أرديته، فلما حضر العشاء دعا علي العشاء فإذا كسر تتقعقع يبوسة، فقال عقيل: أوليس عندك إلا ما أرى. قال علي: أوليس هذا من نعمة الله كثيرا فله الحمد والشكر.
فقال عقيل: يا أمير المؤمنين لا ضير إذ كان هذا أعطني ما أقضي ديني وعجل سراحي لأرحل عنك. فقال علي: فكم دينك. فقال: أربعمائة ألف درهم.
فقال علي: فما هي عندي ولا أملكها ولكن تصبر حتى يخرج عطائي فأقاسمك فقال عقيل: بيت المال في يدك وأنت تسوفني. قال: والله يا أخي ما أنا وأنت في هذا المال إلا بمنزلة رجل من المسلمين.
وجعلا يتكالمان في هذا وهما فوق قصر الإمارة مشرفين على صناديق أهل السوق فقال علي: إذا أبيت ما أقول فانزل إلى بعض هذه الصناديق فاكسرها وخذ ما فيها. قال عقيل: أتأمرني أن أكسر صناديق قوم قد توكلوا على الله وجعلوا أموالهم فيها واتكلوا عليها. قال: أفتأمرني أن أفتح بيت مال المسلمين وقد توكلوا على الله وهم يرجون قبضها وأنا متقلد أخذها من وجوهها ووضعها في حقوقها، فإن أبيت ما أقول أخذت سيفا ثم أخذت سيفا ثم انطلقنا إلى الحير فإن فيها تجارا مياسير فدخلنا على بعضهم وأخذنا أموالهم. قال عقيل:
أسارقا جئت. قال علي: فلئن تسرق من واحد خير من أن تسرق من كافة المسلمين. قال عقيل: فأذن لي أن آتي هذا الرجل، يعني معاوية، غير متهم لي أني إليه هجرت ولا عنك صدرت ولا به انتصرت. قال: قد أذنت لك.