حنيفة، ولا يأخذ بالضعيف كما هي الحال عند ابن حنبل، ويعمل بالخبر الواحد بشرط عدالة الراوي، أو أمانته، ولكنه يقدم عمل أهل المدينة على الحديث الصحيح، ويرى أن الناس لهم تبع، وإذا أعوزه عمل أهل المدينة، والحديث الصحيح لجأ إلى الرأي بجميع أقسامه من قياس واستحسان واستصلاح.
أما الشافعي فيأخذ بالحديث إذا رواه ثقة عن ثقة مشهورا كان أو غير مشهور، وإذا لم يجده عمل بالقياس فقط دون الاستحسان والاستصلاح.
أما الإمامية فيأخذون بكل حديث يرويه الثقات عن رسول الله، أو عن أحد أئمتهم الأطهار (1) ويعتقدون أن أقوال الإمام في الشريعة هي عين أقوال جدهم رسول الله (ص)، سواء أأسندها إليه، أم أرسلها بدون إسناد، وأن الكذب والخطأ محال في حقه، وبهذا كان عندهم من الأحاديث ما يغنيهم عن الرأي بشتى أقسامه، قال الشيخ جعفر في كتابه " كشف الغطاء " المسألة السادسة والأربعون: " إن الفقيه - أي الإمامي - لا يحتاج إلى الأدلة الظنية، لأنه في غنى - غالبا - بالآيات القرآنية، والأخبار المتواترة المعنوية والسيرة القطعية المتلقاة خلفا بعد سلف من زمان الحضرة النبوية والامامية ".
ومن هنا كان الاختلاف بين فقهاء الإمامية أقل وأضيق من الاختلاف بين أئمة المذاهب الأربعة، لأن العمل بالحديث وبالرأي عند الربعة يختلف سعة وضيقا، أما الإمامية فهم متفقون على مصادر التشريع ومدارك الفقه.
ورب قائل: إن الإمامية يعدون العقل من الأدلة الفقهية، ويلجأون إليه، حيث يعوزهم النص، وهذا عين العمل بالرأي، أو قريب منه.
الجواب:
إن الفرق بين الرأي الذي يعتمده السنة، وبين العقل الذي يعتمده الإمامية تماما كالفرق بين الذات والموضوع. فالسني حين يعتمد على الرأي يتخذ من نفسه مشرعا للأحكام، ويصرف النظر عن المشرع الحق، أما الإمامي حين