الناس يأتون زيد بن ثابت، فكان لا يكتب آية إلا بشاهدي عدل، وإن آخر سورة براءة لم توجد إلا مع أبي خزيمة بن ثابت، فقال - أي أبو بكر - اكتبوها، فإن رسول الله (ص) جعل شهادته بشهادة رجلين، فكتب، وإن عمر أتى بآية الرجم، فلم يكتبها، لأنه كان وحده ".
وإذا كان أبو زهرة لا يقبل أحاديث الكليني، لأنه روى حديث التحريف - كما قال - فعليه أن لا يقبل أحاديث البخاري جملة وتفصيلا، لمكان هذا الحديث الصريح الواضح بالتحريف بشهادة عمر بن الخطاب. إن ما ذكره الكليني في هذا الباب لا يختلف في النتيجة عما ذكره البخاري ومسلم. فلماذا تحامل الشيخ على الكليني، وسكت عنهما؟ بل قال أبو زهرة في كتاب الإمام زيد ص 245: " والبخاري ذاته، وهو أصح كتب السنة إسنادا قد أخذت عليه أحاديث وما كان ذلك مسوغا لتكذيب البخاري ولا مسوغا لنقض الصحيح الذي رواه وعدم الأخذ به.
وأيضا روى البخاري في الجزء الرابع " باب طفة إبليس وجنوده " عن عائشة أنها قالت: " سحر النبي، حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشئ، وما يفعله ".
وقد كذبه في ذلك الجصاص أحد أئمة الحنيفة، قال ما نصه بالحرف:
" وقد أجازوا من فعل الساحر ما هو أطم وأفظع، ذلك أنهم زعموا أن النبي (ص) سحر، وأن السحر عمل فيه، حتى قال: إنه يخيل لي أني أقول الشئ، ولا أقوله، وأفعله، ولم أفعله - إلى أن قال الجصاص -: ومثل هذه الأخبار من وضع الملحدين ". (الجزء الأول من أحكام القرآن للجصاص ص 55 طبعة سنة 1347 ه ".
وكذب البخاري في ذلك أيضا الشيخ محمد عبدة في تفسيره لسورة الفلق، حيث قال: " وقد رووا أحاديث أن النبي (ص) سحر. حتى كأنه يفعل الشئ، وهو لا يفعله، أو يأتي شيئا، وهو لا يأتيه. وهذا يصدق قول المشركين فيه.
" إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ". وليس المسحور إلا من خولط في عقله، وخيل إليه أن شيئا يقع، وهو لا يقع، فيخيل إليه أنه يوحى إليه، ولا يوحى إليه ".
والآن، وبعد هذه الأرقام بماذا تجيب - أيها الشيخ -؟ قلت: إنك لا تقبل روايات الكليني، لأن الطوسي والمرتضى كذباه في رواية التحريف. ونقول