معنى العبادة والفرق بين العبادة وجميع المعاملات أن العبادة لا تصح بحال بل لا تسمى عبادة إلا بشرطين الأول: أن يثبت وجوبها بطريق النقل لا بطريق العقل.
الثاني: أن يكون الدافع الأول على الاتيان بها إطاعة الله سبحانه، وامتثال أمره الخاص المتعلق بالفعل نفسه، فمن عمل عملا متعبدا به، وقاصدا منه وجه الله من دون أن يثبت أمره فإن عمله يكون بدعة وضلالة، وكذا من صام وصلى من غير أن يكون الدافع الأول على عبادته إطاعة الأمر المتعلق بالعبادة يكون عمله لغوا، فليس للانسان كائنا من كان أن يعبد الله تعالى بعمل خاص يخترعه من عند نفسه، أو يزيد أو ينقص فيما رسم الله، مستندا في ذلك إلى الأوامر المطلقة المجملة، كقوله سبحانه " وما أمروا إلا ليعبدوا الله. واعبدوا الله مخلصين له الدين. وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " وليس له أيضا أن يشرك مع طاعة الله أي باعث من البواعث المادية، فن توضأ بداعي الطاعة والنظافة معا، أو صلى بداعي التعبد والرياضة، أو صام بداعي الوجوب والصحة يقع عمله في غير موقعة.
معنى المعاملة أما معاملات التجارة، وعقود الزراعة، والأحوال الشخصية، وتنظيم دوائر الحكومة، وما إلى ذلك مما لا يدخل في باب العبادات ولا يمت إليها بصلة قريبة أو بعيدة، فكلها تصح وتنفذ من غير حاجة إلى أمر من الله سبحانه، على شريطة أن لا تزاحم حقا من الحقوق الخاصة أو العامة، فلو فرض أن الناس اصطلحوا فيما بينهم على إيجاد نوع من التجارة أو الزراعة أو الصناعة أو عادة من العادات، ولم يكن شئ منها معروفا في عهد الرسول فتصح وتسمى شرعية أيضا، وإن لم يرد فيها نص خاص، تسمى شرعية للمبادئ العامة التي أقرها الدين، مثل " أوفوا بالعقود. وأحل الله البيع. والناس عند شروطهم. وكل صلح وشرط جائز إلا ما حلل حراما أو حرم حلالا " وأعلن الفقهاء هذه الحقيقة في كتب الفقه وأصوله بقولهم أنه ليس للمشرع حقيقة دينية شرعية واصطلاح