خاص لمعنى الألفاظ إلا في العبادات، أي يرجع إليه في تفسير العبادة وأجزائها وشروطها، أما غيرها من المعاملات فهو كأحد الناس لا فرق بينه وبين أي إنسان من أبناء العرف في هذه الجهة.
وإذا وجد أمر خاص في الكتاب أو السنة بغير العبادات، كالأمر بالزواج والتجارة، فلا يجب على الإنسان أن يفعل المأمور به تقربا إلى الله، وامتثالا لأمره الخاص، كما يجب ذلك في العبادات، فمن تزوج لإشباع الغريزة، الجنسية أو للولد، فالزواج شرعي صحيح، ومن باع أو اشترى، لغاية مادية فمعاملته صحيحة نافذة، بل لو قصد التوصل إلى الحرام من البيع كمن باع بعض ما يملك ليستعين به على الإثم العدوان، فالبيع صحيح، وقد أجمع الفقهاء على أن من باع وقت الأذان إلى الصلاة من يوم الجمعة يأثم، ولكن بيعه صحيح نافذ الأثر، يأثم للآية الكريمة " يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع " ويصح البيع، لأن النهي عن المعاملة لا يدل على الفساد.
نتيجة الفرق بين العبادة والمعاملة وبعد أن اتضح أن الأحكام الشرعية، منها عبادات، ومنها معاملات، وأن العبادة تتوقف على أمر الله، وعلى إتيانها بامتثال هذا الأمر على العكس من المعاملة ينتج أن العبادة من الأمور الروحية التي تقرب فاعلها من طاعة الله، وتبعده عن معصيته، وأنها لا تمت إلى المادة بصلة، بل هي لله وحده " فاسجدوا لله واعبدوا. فاعبد الله مخلصا. وأقم الصلاة لذكري " ولازم ذلك أن كل متدين يجب عليه أن يفعل العبادة عن طيب نفس من غير قيد ولا شرط.
ويبحث الإسلام عن المعاملات على أساس مادي، أي أساس تنظيم الحياة الدنيوية تنظيما يصون مصلحة المجتمع، ولا تتصل المعاملات بالروح والحياة الأخرى إلا تبعا لهذه المصلحة، فمن تجاوز حدودها فقد تجاوز حدين، وخالف حقين، حق الله، وحق الناس، أي الحق الخاص والحق العام، ومن أخل بشئ من العبادة فقد تجاوز حدا واحدا، وخالف حقا واحدا، هو حق الله فحسب، فالمعاملات التجارية والزراعية والصناعية يصح منها ما يتلاءم مع الحياة وتقدمها