ويفسد منها ما لا يتفق مع الصالح الدنيوي، والصحيح نافذ بحق كل إنسان مؤمنا كان أم جاحدا.
ويتسع على الفقيه مجال الاجتهاد في المعاملات، ويضيق في العبادات، إذ ينحصر في البحث عن الأمر التعبدي، فإن وجده التزم به، وإلا توقف عن القول، وأعمال الفكر.
بني الإسلام على خمس ولا شئ أصرح في الدلالة على ما قدمنا من الحديث الذي اتفقت عليه جميع المذاهب الإسلامية " بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وإن محمدا رسول الله، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وحج البيت " فلم يبن الإسلام علي شئ من الزراعة والصناعة والتجارة، لأن هذه تبني عليها الحياة المطلقة في جميع صورها وألوانها، الحياة الطبيعية المادية التي يحياها في هذه الدار كل فرد متدينا أم غير متدين، أما الصلاة والحج والصيام فإنها أركان الحياة الروحية الدينية، فمن أقر بها لزمه أن ينقاد إليها انقيادا تاما، ولا يجوز له أن يعللها بشئ من المادة، إذ يتنافى ذلك مع إسلامه وإيمانه.
الصلاة تنهي عن الفحشاء وعلى الأساس الذي ذكرناه لمعنى العبادة نستطيع أن نفسر قوله سبحانه " أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " وغيرها من الآيات والأحاديث التي تعرضت لبيان الحكمة من العبادة، فالقصد منها أن الإنسان لو عبد الله حقا لتمشى على دين الله، وانتهج صراطه المستقيم، فانتهى عن المنكر والفحش، وعمل الخير والمعروف إلا فقد حكم على نفسه بنفسه بأنه دجال منافق خير منه من أعلن الكفر والجحود وبهذا تجد تفسير قوله تعالى " فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون " ما قال ربك ويل للأولى سكروا * بل قال ربك ويل للمصلينا وثبت عن الرسول الأعظم (ص) أنه قال " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا. وقال: لا صلاة لمن لم يطع الصلاة. وطاعة