وأنه قد أفردهم بها ليدل على إمامتهم، وافتقار الناس إليهم، وغناهم عن الناس، ليكونوا مرجعا لأمته في الدين، وملجأ في الأحكام.
2 - إن حكام الجور قد تتبعوا الأئمة الأطهار واحدا فواحدا، واجتهدوا في النيل من كرامتهم، وتطلبوا لهم العثرات والزلات، ولما أعياهم الطلب نكلوا بهم وبشيعتهم، وما ذاك إلا لأنهم كانوا على أعلى الصفات، كما شاهدنا في هذا العصر، وفي كل عصر من عداوة أهل الرذيلة لأهل الفضيلة.
3 - اعتقاد العلماء والرؤساء في الفقه والحديث والكلام بإمامة الأئمة وعصمتهم، كهشام بن الحكم، وأبي بصير، وزرارة، ومحمد بن النعمان، وإبان بن تغلب، ومحمد بن مسلم، ومعاوية بن عمار وغيرهم ممن بلغوا الجمع الكثير، والجم الغفير من أهل الحجاز والعراق وإيران، فإنهم قد جمعوا أقوال الأئمة من أهل البيت، ودونوها في كتبهم، واعتمدوها كأصل من أصول الدين والشرع، مع العلم بأن كل واحد من هؤلاء الأقطاب كان على جانب كبير من العلم والتقوى، وأن الأئمة الأطهار قد أقروهم على عقيدتهم، ولو كانوا مبطلين لنهوهم وتبرأوا منهم، تماما كما تبرأوا ولعنوا الغلاة.
4 - إن معاوية وطلحة والزبير وعائشة الذين كانوا أعدى أعداء الإمام علي لم يجدوا شيئا يتذرعون به حين قاوموه وحاربوه إلا الطلب كذبا وافتراء بدم عثمان. وقد أنبأنا التاريخ أنه بعد أن خلا الجو لمعاوية كانت الوفود تأتيه، وتجرعه السم الزعاف بذمه، ومدح أمير المؤمنين، وهو يسلم، ولا يجد مجالا للتكذيب.
ثم كان من أمر ولده يزيد مع الحسين ما كان، ومع ذلك لم يستطع أن يتفوه بكلمة تدين الإمام الشهيد، وكذلك بقية الأئمة من الإمام زين العابدين إلى الإمام العسكري قد فرضوا تعظيمهم على الملوك الذين اجتهدوا كل الاجتهاد في البحث والطلب عن عثرة واحدة لأحد الأئمة، فأعياهم الطلب.
5 - تعظيم قبورهم، وفضل مشاهدهم، حتى أن الألوف تقصدها في كل آن للتبرك والأجر والثواب، وإعلان الخطباء مناقبهم وفضائلهم من على المنابر طوال أيام السنة ومدى الدهر، ووضع العلماء مئات الكتب في شرف منزلتهم وأنواع علومهم، والأدلة العقلية والنقلية على إمامتهم.