فنهره الوزير، وقال له: يا أحمق إن السلطان جرد سيفه وسوطه على الذين والوا أباك وأخاك، ليردهم عن ذلك، فلم يقدر، وجهد أن يزيل أباك وأخاك عن تلك المرتبة فلم يتهيأ له، فإن كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماما فلا حاجة بك إلى إمام يرتبك مراتبهم، وإن لم تكن عندهم بهذه المرتبة لم تنلها، وإن ساندك السلطان وغيره. ثم أمر الوزير أن يحجب عنه جعفر، ولا يؤذن له عليه بالدخول.
وصدق ابن خاقان، فإن منصب الإمامة والرياسة عند الشيعة لا يناط بإرادة الحكام، ولا ينال بالشفاعات والوساطات، كما هو الشأن في تعيين المشيخات والقضاة والمفتين. إن الرياسة عند الإمامية تعود إلى إرادة الله سبحانه، وثقة المؤمنين ووجدانهم واطمئنانهم لما يظهر لهم من دلائل الصدق وشواهد العدل، وهذا ميزة اختص بها الشيعة الإمامية عن كثير من الطوائف وأصحاب المذاهب الذين يختار رؤساؤهم بمرسوم الدولة، أقول هذا، مع العلم بأني من هؤلاء القضاة الذين تعينوا بمرسوم. ولكني أحمد الله سبحانه على لطفه وعنايته، حيث أوجد لي الظروف - من حيث أريد أو لا أريد - التي سلختني كلية عن القضاء الرسمي، بحيث لم يكن لي من وظائفه وشؤونه سوى قبض الراتب كاملا، وأنا جالس في بيتي منقطع إلى الكتاب والقلم (1).