ولم يزل آباؤه أغنياء في علم الدين والأدب عن الرعايا، وإن شئتم فامتحنوه، حتى يتبين لكم ذلك.
قالوا له، قد رضينا، واجتمع رأيهم أن يقابلوا الإمام الجواد بقاضي القضاة يحيى بن أكثم، فأتوا به إلى مجلس المأمون، ومعه الإمام، والناس من حولهما، وسأل ابن أكثم الإمام عن محرم قتل صيدا؟
فقال له: هل قتله في حل أو حرم، عالما كان أو جاهلا، عمدا أو خطأ، حرا كان المحرم أو عبدا، صغيرا كان أو كبيرا، مبتدئا بالقتل أو معيدا، من ذوات الطير كان الصيد أو من غيرها، ومن صغار الطير أو من كباره، مصرا على ما فعل أو نادما، في الليل كان قتل الصيد أو في النهار، وفي عمرة كان ذاك أو في حج؟.
فتحير ابن أكثم، وبان عليه العجز والانقطاع، حتى عرف أهل المجلس أمره.
فقال المأمون: الحمد لله على هذه النعمة والتوفيق، ثم التفت إلى أقربائه، وقال لهم: أعرفتم الآن ما كنتم تنكرون؟!
فقالوا له: إنك أعلم بما رأيت.
قال: إن أهل هذا البيت خصوا من دون الخلق بما ترون من الفضل، وإن صغر السن فيهم لا يمنعهم من الكمال، فقد دعا رسول الله عليا إلى الإسلام، وهو ابن عشر سنين، وقبله منه، وحكم له به، ولم يدع أحدا في هذه السن كما دعا عليا، وبايع الحسن والحسين، وهما دون ست سنين، ولم يبايع صبيا غيرهما.
أفلا تعلمون أن الله قد خص هؤلاء القوم، وأنهم ذرية بعضهم من بعض، يجري لآخرهم ما يجري لأولهم (1).
قالوا صدقت:
الحاكم الموالي:
جاء رجل إلى الإمام الجواد، وقال له: جعلت فداك يا ابن رسول الله، إن