والتفريع عليها ".
وكان إذا رأى الشباب الذين يطلبون العلم، أدناهم إليه وقال: مرحبا بكم، أنتم ودائع العلم، ويوشك إذ أنتم صغار قوم أن تكونوا قوم آخرين. وإذا جاءه طالب علم رحب به، وقال: أنت وصية رسول الله. إن طالب العلم له يضع رجله على رطب ولا يابس من الأرض إلا سبحت له الأرض إلى السابعة.
وبالتالي، فلم يختلف اثنان على أن لدى السيد السجاد العلوم المحمدية والعلوية، ولولا ضغط حكام الجور لانتشر عنه من العلوم ما تضيق به الكتب والمؤلفات.
عبادته وأخلاقه:
كان إذا حضرته الصلاة اقشعر جلده، واصفر لونه، وارتعد كالسعفة، وكان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، وكانت تسقط منه كل سنة سبع ثفنات من مواضع سجوده، لكثرة صلواته، وكان يجمعها، ولما مات دفنت معه، وقد حج على ناقته عشرين حجة لم يضربها بسوط.
وكان يحسن إلى من يسئ إليه، من ذلك أن هشام بن إسماعيل كان أميرا على المدينة، وكان يتعمد الإساءة إلى الإمام وأهل بيته، ولما عز له الوليد، أمر أن يوقف للناس في الطريق العام، ليقتصوا منه، وكان لا يخاف أحدا كخوفه من الإمام السجاد، ولكن الإمام أوصى أهله وأصحابه أن لا يسيئوا إليه، وذهب إليه بنفسه، وقال له: لا بأس عليك منا، وأية حاجة تعرض لك فعلينا قضاؤها.
وكان للإمام ابن عم يؤذيه، وينال منه، فكان يأتيه ليلا، ويعطيه الدنانير.
فيقول: لكن علي بن الحسين لا يصلني بشئ فلا جزاه الله خيرا، فيسمع ويغفر. فلما مات انقطعت الدنانير عنه، فعلم أنه هو الذي كان يصله. وكان يقول لمن يشتمه: إن كنت كما قلت، فأسأل الله أن يغفر لي، وإن لم أكن كما قلت فأسأل الله أن يغفر لك.
ولما طرد أهل المدينة بني أمية في وقعة الحرة أراد مروان بن الحكم أن يستودع أهله، فلم يأوهم أحد، وتنكر الناس له إلا الإمام زين العابدين رحب بهم، وجعلهم من جملة عياله، وقد عال الإمام في هذه الوقعة أربعمئة امرأة.
كما كان يعول بيوتا كثيرة في المدينة لا يعرفون من أين يأتيهم رزقهم، حتى مات