نساء الأمة إسلاما، وعمته أم هاني، وخاله إبراهيم ابن رسول الله، وخالته زينب بنت رسول الله.
وقد جاهد لأسمى المقاصد، وأنبل الغايات، وقام بما لم يقم بمثله أحد قبله، ولا بعده، فبذل نفسه وماله وآله، لإحياء الدين، وفضح المنافقين، واختار المنية على الدنية، وميتة العز على حياة الذل، ومصارع الكرام على طاعة اللئام، وأظهر من إباء الضيم وعزة النفس، والشجاعة والبسالة، والصبر والثبات ما بهر العقول، وحير الألباب.
وحقيق بمن كذلك أن تقام له الذكرى في كل عام، وتبكي له العيون دما بدل الدموع. وأي رجل في الكون قام بما قام به الحسين. يقول النصارى: إن السيد المسيح قدم نفسه للصلب، ليخلص الشعب من الخطيئة، وأين ما فعله مما فعله الحسين؟. عيسى قدم نفسه فقط على قول النصارى. أما الحسين فقدم نفسه، وأبناءه، حتى ولده الرضيع، وقدم إخوته وأبناء أخيه وأبناء عمه، قدمهم جميعا للقتل، وقدم أمواله للنهب، وعياله للأسر، فإنهم يقيمون له مراسم الذكرى والحزن يوم عاشوراء في كل عام. ولو أنصف المسلمون ما عدوا طريقة الشيعة في إقامة الذكرى لسيد الشهداء. فهل كان الحسين دون جان دارك التي يقيم لها الفرنسيون الذكرى في كل عام؟. وهل عملت جان دارك لفرنسا ما عمله الحسين لأمة جده؟. فلقد سن لهم نهج الحرية والاستقلال، ومقاومة الظلم، ومعاندة الجور، وطلب العز، ونبذ الجور، وعدم المبالاة بالموت في سبيل الغايات السامية.
هذا، إلى ما يرجوه المسلم من الثواب يوم الحساب على الحزن والبكاء لقتل الحسين، فلقد نعاه جده لأصحابه، وبكى لقتله قبل وقوعه، وبكى معه أصحابه، وفيهم أبو بكر وعمر، فيما رواه الماوردي الشافعي في " أعلام النبوة ".
وقد حث أئمة أهل البيت الطاهر شيعتهم وأتباعهم على البكاء وإقامة الذكرى والعزاء لهذه الفاجعة الأليمة في كل عام، وهم نعم القدوة، وخير من اتبع، وأفضل من أقتفي أثره، وأخذت منه سنة رسول الله، لأنهم أحد الثقلين، وباب حطة الذي من دخله كان آمنا، ومفتاح باب مدينة العلم الذي لا يؤتى