إلا منه.
ثم قال السيد الأمين قدس الله سره: ألف السيد علي جلال المصري كتابا في الحسين اقتطفنا منه ما يلي:
السيد الإمام أبو عبد الله الحسين عليه السلام ابن بنت رسول الله، وريحانته، وابن أمير المؤمنين علي عليه السلام، ونشأة بنت النبوة، له أشرف نسب، وأكمل نفس، جمع الفضائل ومكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال من علو الهمة، ومنتهى الشجاعة، وأقصى غاية الجود، وأسرار العلم، وفصاحة اللسان، ونصرة الحق، والنهي عن المنكر، وجهاد الظلم، والتواضع عن عز، والعدل والصبر، والحلم والعفاف والمروءة والورع وغيره، واختص بسلامة الفطرة، وجمال الخلقة، ورجاحة العقل، وقوة الجسم، وأضاف إلى هذه المحامد كثرة العبادة، وأفعال الخير، كالصلاة والصوم والحج والجهاد والاحسان.
وكان إذا أقام بالمدينة أو غيرها مفيدا بعلمه، مهذبا بكريم أخلاقه، مؤدبا ببليغ بيانه، سخيا بماله، متوضعا للفقراء، معظما عند الخلفاء، مواصلا للصدقة على الأيتام والمساكين، منتصفا للمظلومين، مشتغلا بعبادته، مشى من المدينة على قدميه إلى مكة حاجا خمسا وعشرين مرة. لقد كان الحسين في قت علم المهتدين، ونور الأرض، فأخبار حياته فيها هدى للمسترشدين بأنوار محاسنه، المقتفين آثار فضله، ولا شك إن الأمة تنفعها ذكرى ما أصابها من الشدائد في زمن بؤسها، كما يفيدها تذكر ما كسبته من الماثر أيام عزها، ومقتل الحسين من الحوادث العظيمة، وذكراه نافعة، وإن كان حديثه يحزن كل مسلم، ويسخط كل عاقل.
إن مصرع الحسين عظة المعتبرين، وقدوة المستبسلين ألم تر كيف اضطره نكد الدنيا إلى إيثار الموت على الحياة، وهو أعظم رجل في وقته لا نظير له في شرق الأرض وغربها. ومع التفاوت الذي بلغ أقصى ما يتصور بين فئته القليلة، وجيش ابن زياد الكبير في العدة والعدد المدد، فقد كان ثباته ورباطة جأشه، وشجاعته تحير الألباب، لا عهد للبشر بمثلها، كما كانت دناءة أخصامه لا شبيه لها.
وما سمع منذ خلق العالم، ولن يسمع، حتى يفنى، أفظع من ضرب ابن