وأمر علي عليه السلام أن يصافوهم ولا يبدؤوهم بقتال، ولا يرموهم بسهم، ولا يضربوهم، ولا يطعنوهم برمح، حتى جاء عبد الله بن بديل بن ورقاء من الميمنة بأخ له مقتول، وجاء قوم من الميسرة برجل قد رمي بسهم فقتل.
فقال علي عليه السلام: اللهم اشهد.
وتواتر عليه الرمي فقام عمار بن ياسر فقال: ماذا تنظر يا أمير المؤمنين؟
فقام علي عليه السلام فقال:
أيها الناس، إذا هزمتموهم فلا تجهزوا على جريح، ولا تقتلوا أسيرا، ولا تتبعوا موليا، ولا تهتكوا سترا، ولا تمثلوا بقتيل، ولا تقربوا من أموالهم إلا ما تجدونه في عسكرهم من سلاح أو كراع. (1) ولقد يعز عليك يا أمير المؤمنين بما فعل القوم الظالمون يوم عاشوراء من تسابقهم على نهب بيوت آل الرسول، وقرة عين الزهراء البتول، يسلبونهن وينتزعون الملاحف عن ظهورهن ثم يضرمون النار في خيامهن، فخرجن حواسر معولات، حافيات باكيات، ينادين: وا محمداه وا علياه، بناتك سبايا وذريتك مقتلة، تسفى عليهم ريح الصبا، هذا حسينك محزوز الرأس من القفا، مسلوب العمامة والردا، بأبي العطشان حتى مضى، بأبي من جده المصطفى، بأبي من أبوه علي المرتضى.
أعزيك فيهم أنهم وردوا الردى * بأفئدة ما بل غلتها قطر وثاوين في حر الهجيرة بالعرى * عليهم سوافي الريح بالترب تنجر