وقد نسج على منواله في ذلك شبله باب الرحمة، وأبو الأئمة يوم عاشوراء وقد اجتمع عليه ثلاثون ألفا، وافترقوا عليه أربع فرق: فرقة بالسيوف وفرقة بالرماح، وفرقة بالسهام، وفرقة بالحجارة، فبينا هو في هذه الحالة، إذ حضرت صلاة الظهر، فأمر صلوات الله عليه زهير بن القين، وسعيد بن عبد الله الحنفي أن يتقدما أمامه مع نصف من تخلف معه، ثم صلى بهم صلاة الخوف، وتقدم سعيد بن عبد الله فوقف يقيه السهام بنفسه، ما زال وما تخطى حتى سقط إلى الأرض وهو يقول:
اللهم العنهم لعن عاد وثمود.
اللهم أبلغ نبيك عني السلام، وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح، فإني أردت ثوابك في نصرة ابن بنت نبيك، ثم قضى نحبه رضوان الله عليه.
وفي رواية: أنه لما سقط قال: يا سيدي يا بن رسول الله هل وفيت؟
فاستعبر الحسين باكيا وقال: نعم رحمك الله، وأنت أمامي في الجنة.
رجال تواصوا حيث طابت أصولهم * وأنفسهم بالصبر حتى قضوا صبرا حماة حموا خدرا أبى الله هتكه * فعظمه شأنا وشرفه قدرا فأصبح نهبا للمغاوير بعدهم ومنه * بنات المصطفى أبرزت حسرى