صحيح البخاري ومسلم، عن ابن عباس، أنه قال: مكثت سنة أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية فما أستطيع أن أسأله هيبة له، حتى خرج حاجا، فخرجت معه، فلما رجعنا وكنا ببعض الطريق عدل إلى الأراك لحاجة له، فوقفت حتى فرغ، ثم سرت معه فقلت: يا أمير المؤمنين من اللتان تظاهرتا على النبي (صلى الله عليه وآله) من أزواجه؟
فقال: تلك حفصة وعائشة، فقلت: والله أن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة فما أستطيع هيبة، قال: فلا تفعل، ما ظننت أن عندي من علم فاسألني، فإن كان لي علم خبرتك به (1).
وأيد الدليلان بالآية والأخبار. أما الآية فقوله تعالى * (ألا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها) * (2) وما يتوهم منه التأييد أمران: أحدهما تعبيره بالصاحب في الآية، وكون صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من المدائح التي لا يناسب ذكر مثلها لمن يكون عاقبة أمره غصب الخلافة، فخلافته لم تكن بعنوان الغصب والعدوان، وهو المطلوب.
وثانيهما قوله * (إن الله معنا) * لأن كون الله مع أبي بكر يدل على كونه مصونا عن المعاصي التي عاقبتها النار وغصب الخلافة من أعظمها.
وفي الأمرين نظر. أما الأول، فلأن التعبير بالصاحب لا يفهم المدح كما لا يخفى، ومع عدم الدلالة يؤيده قوله تعالى * (قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب) * (3) وظاهر أن بناء التعبير بالصاحب هاهنا على المرافقة، مع كون أحدهما مؤمنا والآخر كافرا.