الخير ولم يكونوا قاصدين اختلاس السلطنة بأي وجه كان، وجب أن يقولوا بعد حضورها ما حاصله: أيها المؤمنون كما أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خير خلق الله، فمصيبته أعظم المصائب وحرمته أعظم الحرم، فلا معنى لاشتغالنا بأمر قبل فراغنا عن أمره (صلى الله عليه وآله)، فاتفقوا معنا بالمراجعة إلى المسجد والاشتغال بأمره (صلى الله عليه وآله)، وبعد الفراغ نشتغل بالتأمل في هذا الأمر وما يقتضيه العقل والمرجحات العقلية والشرعية.
وأيضا أعلمنا بالأمور بأخبار رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو أمير المؤمنين (عليه السلام) مع جمع من كمل الأصحاب مشغولا بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالضرورة، لقباحة تركه رأسا، فلا وجه لتأسيس مثل هذا الأمر الخطير بغير المراجعة إلى أمثالهم، وبعد الفراغ من أمر التجهيز والدفن نستقر في مكان مناسب ونجول بالآراء الصائبة، ونسمع حجة كل من يدعيها، ونتأمل فيها مرة بعد أخرى لاستكشاف الحال، وبعد المعاودة في النظر ومشاورة أصحاب البصيرة والخير والاطمئنان بالمستحق للأمر، نقضي بما فيه تحصيل مرضات الله تعالى.
وخلو أمر السقيفة عن أمثال هذه الأمور مع اشتماله على ما اشتمل، شاهد على أن بناء أمر السقيفة لم يكن مبنيا على الآراء، حتى يظهر من الاتفاق في اللفظ بينهم على فرض التحقيق كونه كاشفا عن الاتفاق في الاعتقاد الذي هو المعتبر في الاجماع، بل خلوه عما ذكرته واشتماله على ما عرفته شاهدا صدق على أن كان بناؤه على الأهواء والحيل التي لا تدل على اتفاق لاعتقاد لو فرض الاتفاق في اللفظ.
وأيضا ترك الأنصار رسول الله (صلى الله عليه وآله) يدل على غاية اهتمامهم في أمر الدين، حتى لم يهربوا عن شناعة ترك أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلمهم بكون أمر الخلافة أهم، والمنفعة التي تترتب على انتظامها أتم، فذهلهم المسارعة إلى مرضات الله ترك الرسول والمسارعة إلى أمر به تشييد الأصول، وأمثال هذه الجماعة لا يفعلون ما لا يكون فيه مرضات الله تعالى، لدلالة فعلهم على غاية الاهتمام في أمر الدين، حتى لم