بالإجابة. وأما إذا قال باستحقاق الرجلين الدال عند العوام على إخراج نفسه عن طلب الأمر عظم مرتبته عندهم، فإذا أحال الرجلان الأمر إليه، كان أدخل في انتظام الأمر ورغبة الناس، والإحالة معلومة بالأمارة.
ويمكن أن يكون الإحالة إليهما وردهما عن نفسهما وإظهارهما أولوية الثالث مما مهدوه سابقا، لكن فيما روي عن عمر أنه دويبة سوء ولهو خير من أبيه (1)، أنه لم يكن التمهيد على هذا النحو بل بنحو آخر.
وما قال الرجلان " وأنت أفضل المهاجرين " الخ ظاهر أيضا في عدم النص، بل استدلوا على أولويته بما استدلوا، وعجلوا في البيعة خوفا من الاختلال، وسبق بشير بالبيعة لتقربه بالسبق، مع ما صدر منه من تضعيف الأنصار وتقوية أبي بكر، لرجاء الوزارة الموعودة للأنصار وحسده على سعد، فأظهر حباب بعض ما أراد بشير بدلالة الحال والمقام بقوله " ما أحوجك إلى ما صنعت أنفست على ابن عمك الإمارة " وجوابه إظهار لاعتقاده كون الإمارة حقا للمهاجرين لا اعتقاد النص.
وسبب بيعة الأوس خوف انتقال الأمر إلى الخزرج لا استحقاق أبي بكر، كما يظهر من قوله " فلما رأت الأوس " إلى قوله " ولا تجعلوا لكم معهم نصيبا أبدا " وبيعة أسلم بعدهم لمثل أغراض السابقين، أو عدم التمييز وتبعية السابقين.
وقول عمر " اقتلوه قتله الله " صريح في قصد المغالبة، وإلا لم يثبت الأمر لأحد في الوقت المذكور، لعدم دلالة النص عليه وعدم تحقق الاجماع بعد، وبالجملة لم يستحق سعد القتل والوطي بالرجل حتى يندر عضوه لا بادعاء الخلافة، لأنه ادعى الأمر واستدل عليه، والمجتهد المخطئ ليس آثما، فلا يستحق أدنى عتاب فكيف القتل، ولا بعدم البيعة لعدم نص دال على خلافة أبي بكر، كما عرفت من سياق