الواضحة في وقت ما.
فإن قيل: شدة الدواعي في الخلافة داعية على ضبط النص، بخلاف بعض خصوصيات الصلاة.
أجيب بأن تكررها في كل يوم بمشهد الناس مع قلة الباعث على الكتمان يقابل شدة الداعي على ضبط النص المعارضة بشدة الداعي على الكتمان ويربو عنها، ولعل نص الإمامة قبل أن يصير مقرونا بالعمل تعرض جماعة من المهاجرين والأنصار لكتمانه واختلاس الخلافة بالحيل والخديعة قبل فراغ مستحق الأمر من تجهيز رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحضوره انتهازا للفرصة، كما عرفته في المقدمة الثانية من المقصد، وكان غرض بعضهم أخذها لنفسه، وبعضهم لمن زعم انتفاعه به.
وعامة الناس في الأزمان لا تميز لهم، بل ينظرون إلى كبرائهم، ويتبعونهم في أفعالهم، وكمل الأصحاب لم يكونوا حاضرين، وبعض الحاضرين من شدة المصيبة لم يكونوا على حالهم الطبيعية، وبعضهم يرون جماعة من أرباب الأهواء مائلين إلى أمر، ولم يكونوا عالمين بأهوائهم، فصار الميل شبهة لهم، ففي مثل تلك الحال عجل بعضهم في البيعة رجاء للقرب والمنزلة بالسبق، وبعضهم بالتمهيد السابق على وجه مهدوا وبنوا الأمر عليه، وبعضهم بتبعية بعض، وبعضهم لخوف رجوع الأمر إلى من يكرهونه، فشدد الأمر بالأمور التي لا أساس لها في الشرع.
وبقي جمع منكرين على ما وقع، فبعضهم أظهر الرضا بعد ما أنكر للطمع، وبعضهم أنكر ما قدر وأصر، فلما يئس من المقدرة وخاف من الاصرار على النكير ترك إظهار الخلاف اتباعا للآية الشريفة * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) * (1).
واستمر الحال إلى آخر أيام الثالث، ورسخ بمر الأزمان استحقاق الأولين في