خاتمة:
اسم التفصيل في قوله عليه السلام: " اللهم اجعلنا من أرضى من طلع عليه "، كما يجوز أن يكون للفاعل على ما هو القياس، يجوز أن يكون للمفعول أيضا، كما في نحو: أعذر، وأشهر، وأشغل، أي اجعلنا من أعظم المرضيين عندك.
فإن قلت: مجئ اسم التفضيل بمعني المفعول غير قياسي، بل هو مقصور على السماع.
قلت: لما وقع في كلامه عليه السلام كفى ذلك في تجويز هذا الاحتمال، ولا يحتاج فيه إلى السماع من غيره قطعا، فإنه عليه السلام أفصح العرب في زمانه.
هذا، وفي كلام بعض أصحاب القلوب، أن علامة رضى الله سبحانه عن العبد رضا العبد بقضائه تعالى، وهذا يشعر بنوع من اللزوم بين الأمرين.
ولو أريد باسم التفضيل هنا ما يشملهما، من قبيل استعمال المشترك في معنييه معا لم يكن فيه كثير بعد، ومثله في كلام البلغاء غير قليل. [41 / أ].
وتعدية الرضاء بالقضاء، على بقية المطالب التسعة - التي ختم بها عليه السلام هذا الدعاء - للاعتناء به، والاهتمام بشأنه، فإن الرضا بالقضاء من أجل المقامات، ومن حازه فقد حاز أكمل السعادات، وصحت منه دعوى المحبة، التي بها يرتقي إلى أرفع الدرجات، ولم يتشعب خاطره بورود الحادثات، واعتوار المصيبات، ولم يزل مطمئن البال، منشرح الصدر، متفرغ القلب للاشتغال بما يعنيه من الطاعات والعبادات، ومن لم يرض القضاء دخل في وعيد " من لم يرض بقضائي " (1) الحديث.