ويؤكد ذلك السمو والصفاء أيضا ما نقله السيد الأمين عن المنشئ في عالمه حيث يقول:
تقلد الشيخ منصب شيخ الإسلام في أصفهان، زمن الشاه عباس الكبير خلفا للشيخ علي المنشار، وتبوأ مكانته المعروفة في عهد الشاه المذكور، ولم يكن لأحد من كبار الرجال الصفويين مركز يداني مركزه، ولذلك كثر حساده ومناوئوه وكثر الدس حوله، حتى تمنى أن والده لم يخرج به من جبل عامل إلى الشرق، في كلمة قوية عبر بها عن تبرمه من فساد الأخلاق في كثير من أبناء زمانه ومعاصريه.
فقال طيب الله ثراه: لو لم يأت والدي قدس الله روحه من بلاد العرب، ولو لم يختلط بالملوك، لكنت من أتقي الناس وأعبدهم وأزهدهم، لكنه طاب ثراه أخرجني من تلك البلاد وأقام في هذه الديار، فاختلطت بأهل الدنيا، واكتسبت أخلاقهم الرديئة، واتصفت بصفاتهم، ثم لم يحصل لي من الاختلاط بأهل الدنيا إلا القيل والقال، والنزاع والجدال، وآل الأمر أن تصدى لمعارضتي كل جاهل، وجسر على مباراتي كل خامل (1).
هذا نص عبارة الشيخ، وهي نفثة مصدور، عبر بها - كما قلنا - عن آلامه وامتعاضه وتكاثر حساده ومنافسيه وما كان أكثر هؤلاء الحساد والمنافسين بلا شك إلا من ذوي الأطماع وعباد المصالح الشخصية والجاه الزائف، ولكنهم مع ذلك لم ينالوا منه منالا ولا استطاعوا أن يزعزعوا من مركزه الكبير.
أنظره يقول:
قد جرى ذكري يوما في بعض المجالس العالية، والمحافل السامية، فبلغني أن بعض الحضار - ممن يدعي الوفاق وعادته النفاق، ويظهر الوداد ودأبه العناد - جرى في ميدان البغي والعدوان، وأطلق لسانه في الغيبة والبهتان، ونسب إلي من العيوب ما لم تزل فيه، ونسي قوله تعالى: (أيحب أحدكم أن يأكل لحم